في انشطار المجتمع السياسي الإسرائيلي

موسى جرادات
ليس من المبالغة القول إن المجتمع السياسي في دولة الاحتلال، يعيش اليوم أعلى درجات التشظي والانشطار، بفعل عوامل وتراكمات متنوعة ومتعددة .لكن أهم هذه العوامل ، هي اختناق الصهيونية كأيديولوجيا، بحيث لم تعد قادرة على تلبية الحاجات الفعلية، لمعظم القوى السياسية التي أخذتها سنداً لها، فهي لم تعد قادرة على تقديم إجابات فعلية ومطمئنة، على أسئلة المستقبل الذي بدا غامضاً بالنسبة لمريديها .
هناك آراء كثيرة قد تخالف هذا التصور، ولديها أدلتها وبراهينها التي تستقيها من المشهد العام، والتي تظهر فيها الأحزاب الصهيونية بأبهى صورها وتجلياتها، عبر إعلانها عن ترجمة مشاريعها الأيدولوجية التوسعية، سواء في الخطاب السياسي العام الناظم لها، أو في سلوكها المعلن، لكن هذا الأمر الذي يتم التعبير عنه باندفاعة لا تلحظ وجود العوائق التي تفرمل هذا المسعى، كوجود الشعب الفلسطيني وتراثه النضالي، ووجود جملة من العوامل الإقليمية والدولية والتي على الأرجح لن تسمح لهذه القوى بالسير نحو أهدافها.
ها هو اليوم بنغفير يغادر الحلبة السياسية، عند أول عقبة واجهته، فيما سيموتريتش ينتظر المحطة الثانية للمغادرة، بينما نتنياهو يقامر حتى اللحظة الأخيرة، على قاعدة التغيرات والتبدلات التي يتأمل أن تساعده في البقاء، أما بقية القوى الأخرى والتي تسمي نفسها معارضة، فهي الأخرى مصابة بنفس الأورام والالتهابات الحادة، حتى ولو عقلنت خطابها، فالأزمة لا تتعلق بالتشكيلات الحزبية، بقدر ما هي أزمة أصابت البنى العامة بشكل كامل، ولن يستطيع الغرب مهما احترف الحلول، أن ينقذ هذا المريض من العمى الدائم .
صحيح أن ثمن التشظي الحاصل لديهم، دفعناه من دماء أهلنا في غزة والضفة، لكن العنف العاري الصادر من وعاء الصهيونية، سيرتد حتماً إلى داخلهم، فمن أشعل النار ستصله حتماً .