تحقيقات

ليالي رمضان في صيدا القديمة للفقراء ومتوسطي الدخل

العربي الجديد- انتصار الدنان

في كل عام من شهر رمضان تكتظ منطقة صيدا القديمة (باب السراي) جنوب لبنان، تحديداً بعد الإفطار، بزوار يجدون في المكان ملاذاً للترويح عن أنفسهم في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة السائدة، وعدم القدرة على ارتياد أماكن أسعارها مرتفعة جداً، لكنها شهدت انخفاضاً في عدد الوافدين هذا العام، بحسب ما يقول كثيرون وبينهم باعة، وذلك بتأثير العدوان الإسرائيلي المستمر حتى اللحظة على لبنان، والأوضاع الاقتصادية التي تزداد تردياً عاماً بعد عام.

يقول أحمد كعيتي الذي يقيم في منطقة صيدا القديمة لـ”العربي الجديد”: “الأجواء جيدة عموماً، لكن الإقبال كان أفضل العام الماضي، فالناس لا يزالون متأثرين بأجواء الحرب، ونأمل في أن تكون الأيام القادمة أفضل على صعيد زيادة عدد الرواد، خصوصاً أن كثيرين قصدوا المنطقة في الأيام الـ15 الأولى من شهر رمضان، وشاهدوا أجواءها الجيدة”، يتابع: “اعتدنا أن تنام صيدا عند الساعة السابعة مساءً، لكنّ الأجواء تختلف خلال شهر رمضان، إذ يقصد الناس صيدا القديمة تحديداً بعد الإفطار للترويح عن أنفسهم خصوصاً أن الأسعار تناسب الجميع”.
ويقول طارق مزين، وهو من لجنة شباب صيدا القديمة لـ”العربي الجديد”: “مهمتنا ضبط الوضع في الساحة حتى تكون السهرات الرمضانية ناجحة، وحالياً هناك فارق في عدد مرتادي المنطقة الذي قلّوا عن العام الماضي، وذلك لأسباب عدة منها أحداث الحرب على لبنان، وتلك على غزة، والأوضاع الاقتصادية السائدة في البلد التي تؤثر طبعاً على عدد الوافدين. ونلاحظ أن الأمور تتحسّن يوماً بعد يوم، وقد توافد الناس على الحفلات التي نُظمت، وبلدية صيدا وضعت قوائم الأسعار بالاتفاق مع الباعة، ولجنة شباب صيدا القديمة تراقب الأسعار من أجل ضبطها بالكامل”.
ويقول أحمد العاصم، وهو معلم صاج يسكن في منطقة صيدا القديمة، لـ”العريي الجديد”: “أثرت الحرب على عدد الوافدين إلى المنطقة، لكن يمكن القول إنها مقبولة في ظل رغبة الناس في عيش أجواء شهر رمضان، ومجيئهم للسهر في باب السراي للترويح عن أنفسهم، والإفادة من الأسعار المقبولة التي تناسب الفقراء ومتوسّطي الحال. عموماً كان العام الماضي أفضل، وربما يصح القول إن كل رمضان يأتي أصعب من السابق، وإن الطقس يؤثر أيضاً على حضور الناس، لأن المنطقة مفتوحة. وقد اعتدنا على أن زحمة الناس تحصل يومَي الجمعة والسبت لأنها أيام عطل، حالياً البيع أقل بنحو 40% من العام الماضي، ونأمل في أن يتحسّن في الأيام التالية وصولاً إلى عيد الفطر”.

ويقول محيي الدين حفوضة، القائد في جمعية الكشاف المسلم مفوضية الجنوب، لـ”العربي الجديد”:” أنا مسؤول عن الأنشطة في المفوضية، ونقيم في شهر رمضان أنشطة تكافلية ودينية، وأخرى تتعلق بالمناسبة مثل حفلات إنشاد وسحور”، وعن النشاط التكافلي، يقول: “بدأنا هذا النشاط في الأسبوع الأول من رمضان، فنحن عندنا مطبخ الجود الذي افتتح قبل تسع سنوات، ونحضّر فيه وجبات طعام نوزعها على عائلات متعففة في مدينة صيدا وضواحيها في جنوب لبنان، ويصل عدد الوجبات إلى 800 يومياً”.
يتابع: “يهتم قسم في جمعية الكشاف المسلم مفوضية الجنوب، بإعمار عين الحلوة، وآخر بمنطقة القياعة في مدينة صيدا، وفي أيام العيد، نقيم احتفالاً نوزع خلاله هدايا للأطفال الذين يتجمعون في ساحة باب السراي، وأيضاً حفلات تحييها فرق موسيقية صغيرة. ومشاركة الأطفال في الاحتفال مجانية، خصوصاً لأهلنا المتعفّفين من صيدا القديمة الذين نحرص على ألّا نزيد الأعباء عليهم”، ويعتبر أن “الحرب الشرسة التي مرّ بها لبنان في الأشهر الأخيرة لم تكن سهلة على الناس الذين لا يزالون متأثرين بها. وبالنسبة إلى الوضع الاقتصادي الصعب فيشمل كل لبنان، لكنه أكثر حدّة في صيدا”.

ويقول هيثم فران، وهو فلسطيني يبيع الفول ويقيم في منطقة صيدا القديمة لـ”العربي الجديد”: “أعمل في منطقة باب السراي منذ أكثر من خمس سنوات، وأبيع الفول الأخضر والعرانيس في شهر رمضان الذي تكون أجواؤه جيدة عموماً، خصوصاً أن كثيرين يأتون إلى المكان للإفادة من أجوائه الفريدة والمحبوبة. بالطبع كانت حركة البيع أفضل خلال رمضان العام الماضي، ويمكن القول إنها أقل بنحو 50% هذا العام. وقد اعتدنا أن يأتي أهل الجنوب إلى صيدا، لكن ذلك لم يحصل هذا العام، فأسعار المواصلات مرتفعة، وظروف الحرب أثرت في نسبة الإقبال خصوصاً أن كثيرين مشغولون بصيانة بيوتهم ومعالجة المشاكل الاقتصادية التي طرأت على حياتهم خلال الحرب”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى