أبرزتحقيقات

“أونروا” لبنان: فتح مدارس وتفعيل خطة طوارئ للنازحين الفلسطينيين

العربي الجديد- انتصار الدنان

دفع العدوان الإسرائيلي على لبنان، وخصوصاً محافظتي الجنوب والبقاع، “أونروا” إلى فتح بعض مراكزها لاستقبال النازحين الفلسطينيين، وتفعيل خطة الطوارئ.

في إطار استجابتها لحالة الطوارئ في لبنان بفعل العدوان الإسرائيلي، أعلنت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا” فتح مراكز لإيواء النازحين، وهي مدرسة غزة، وطوباس، وعمقا في مخيم نهر البارد شمال لبنان، ومركز سبلين للتدريب المهني في محافظة جبل لبنان، ومدرسة بيت جالا في سبلين، ومدرسة نابلس في حي الست نفيسة بصيدا، ومدرسة رفيديا في منطقة السراي بصيدا، ومدرسة الجرمق في سعدنايل (البقاع)، على أن تفتح مراكز أخرى إذا تطلب الأمر. وأشارت، في بيان، إلى أنها عملت على تخزين المواد الغذائية وغير الغذائية لمساعدة النازحين، مع إعطاء الأولوية للاجئين الفلسطينيين. وبحسب توفر الموارد، يمكن أن تقدم المساعدة للنازحين من جنسيات أخرى.
وفي وقت لاحق، واستجابة لحالة النزوح التي شهدها مخيم الرشيدية في الجنوب اللبناني، بعد التهديد الذي وصل إلى سكان المخيم من العدو بضرورة ترك بيوتهم حتى لا يتم استهدافهم، فتحت “أونروا” مدرسة دير القاسي في سيروب بصيدا، وفعّلت خطتها للاستجابة لحالات الطوارئ، التي تتضمّن توفير الاستشفاء في المستشفيات المتعاقدة معها للجرحى المدنيين من اللاجئين الفلسطينيين المسجلين لديها، بما يتماشى مع سياسة الاستشفاء المتبعة حالياً (قبل تفعيل خطة الطوارئ) لكل مستشفى متعاقد معها.
يقول مدير المكتب الإعلامي للوكالة فادي الطيار: “عملنا على مستويات عدة. أولاً، نتولى التنسيق مع الحكومة اللبنانية ومنظمات الأمم المتحدة الأخرى، والمنظمات الدولية غير الحكومية، وتلك المحلية العاملة في المخيمات والتجمعات السكنية، وجهزنا 12 مركزا للإيواء في مناطق مختلفة في لبنان، 11 منها موجودة في مراكز ومدارس تابعة للأونروا، ومركز واحد قدمته الحكومة اللبنانية موجود في بيروت، لاستضافة النازحين الذين ربما يأتون من منطقة بيروت”. يضيف: “جهزنا هذه المراكز بما هو مطلوب، وخصصنا عددًا من الموظفين للإشراف عليها. كما عمدنا إلى تخزين المواد الغذائية والطبية، وتأمين أدوية للمرضى الذين يعانون من أمراض مزمنة، وعملنا مع الشركاء لتوزيع الخدمات في ما بيننا”.

يتابع: “افتتحنا مدرسة طوباس وغزة وعمقا في مخيم نهر البارد، ومركز سبلين للتدريب المهني، ثم مدرسة بيت جالا، ومدرسة نابلس ورفيديا في صيدا بناء على طلب بلدية صيدا، ثم فتحنا مدرسة دير القاسي، ومدرسة الجرمق في البقاع”. ويشير إلى أن عدد النازحين في مدارس الأونروا ثلاثة آلاف وثلاثمائة وخمسون شخصاً في تسعة مراكز. نعمل في هذه المراكز بحسب خطة الطوارئ لناحية تأمين المواد الطبية والوجبات الغذائية والفرش ومواد النظافة وغير ذلك، بالتعاون مع شركائنا”. يضيف أن “الأولوية هي للاجئين الفلسطينيين، لكن نستقبل أيضاً نازحين لبنانيين وسوريين. المراكز الـ 12 تستطيع استقبال 10 آلاف نازح”.
من جهته، يقول مدير مركز سبلين سعيد البقاعي: “القدرة الاستيعابية للنازحين في المركز تبلغ 800 شخص، وكانت أونروا قد جهزت كل ما يلزم للنازحين قبل وصولهم بالمياه والفرش ومعلبات الطعام التي تكفي النازحين. وفي يوم النزوح الثالث، بدأ إعداد وجبات ساخنة، وعملنا على تجهيز المطبخ. وفرنا للنازحين أدوات النظافة واحتياجات النساء الخاصة”. كما وفرت أونروا مركزاً لتقديم الخدمات الصحية يعمل من الساعة الثامنة صباحاً وحتى الثالثة بعد الظهر، بالإضافة إلى خدمات أخرى. يضيف أن الكهرباء متوفرة طوال الوقت، وقد أمنت احتياطاً من المازوت يكفي لأربعة أشهر. ويشير إلى أن استجابة الوكالة كانت سريعة “وقد فتحت مدرسة نابلس التي تضم ما بين 300 و400 شخص. كما تم فتح مدرسة رفيديا في صيدا. المدرستان الأخيرتان لم تكونا ضمن خطة أونروا، لكنهما تأتيان استجابة للوضع. كما افتتحت مدرسة دير القاسي بصيدا، ومدرسة الجرمق في البقاع، ومدرسة عمقا وطوباس وغزة في الشمال، نستقبل النازحين من الجنسيات الفلسطينية واللبنانية والسورية من دون تمييز”.

من جهتها، تقول النازحة الفلسطينية من مخيم برج الشمالي في مدينة صور جنوبي لبنان، المتحدرة من قرية الزوق التحتاني الواقعة شمال شرق مدينة صفد: “أسكن وحدي في البيت بعد وفاة أهلي، ويقع بيتي على أطراف المخيم، وقد استهدفت بلدة برج الشمالي (حيث يمتد المخيم) بقصف عنيف، فقررت الهرب من بيتي. استأجرت أنا وزوجة أخي وجيراني، وعددنا سبعة، سيارة بخمسين دولاراً وتوجهنا نحو مدينة صيدا، كانت هناك زحمة سير خانقة. انتظرنا ساعات حتى نصل. ومن صيدا استأجرنا سيارة أجرة ثانية، وانتظرنا حتى تم تسجيل أسمائنا. كانت هناك أعداد كبيرة من النازحين، وحصلنا على غرفة في ساعة متأخرة من الليل. في الغرفة 47 شخصاً، لكن لكلٍّ فرشته. كان هناك نقص بالبطانيات، لكننا حصلنا على ما ينقصنا صباح اليوم التالي. المشكلة أننا ننام في غرفة مع أشخاص لا نعرفهم. ابن أخي كان مريضاً في المستشفى. كان يبكي ولم يتمكن من النوم. الموجودون في الغرفة تضايقوا ومنعونا من إضاءتها وطلبوا إسكات الطفل”.
بدورها، تقول مرفت يوسف، النازحة من مخيم برج الشمالي، والمتحدرة من قرية الناعمة شمال شرق مدينة صفد بفلسطين: “أصوات القذائف والصواريخ قوية، فخاف أولادي الثلاثة. وصلت شظايا إلى مقربة من بيتنا فقررنا النزوح. جئنا إلى مركز سبلين حتى لا نسمع أصوات القصف، ونأمل أن يكون آمناً لكونه تابعا للأونروا. يتشارك الغرفة التي نمنا فيها أناس من جنسيات مختلفة، ولا خصوصية لنا، ولا نستطيع أن ننام حين نريد. لا أعرف عدد الموجودين معنا في الغرفة، لكنه كبير. من جهة أخرى، فإن الفرش والأغطية مؤمنة، وكذلك المياه والطعام”.
وتقول مهى المتحدرة من قرية الزيب في شمالي عكا، والنازحة من بلدة صديقين (قضاء صور)، والمتزوجة من لبناني: “كنا نسمع إطلاق نار في المنطقة التي أسكنها مع زوجي وأولادي منذ بداية العدوان. لكن عندما اشتد العدوان، نزحت إلى بيت أهلي في قرية عدلون (قضاء صيدا) ظناً مني أن المكان آمن. لم نأخذ معنا غير القليل من الملابس لأولادي. وعندما قصفت عدلون، نزحنا مرة أخرى مع أطفالي الثلاثة وأختي وزوجها وأبنائها. وصلنا إلى مدينة صيدا حيث تواصلنا مع أقارب لنا لنعلم إن كنا نستطيع إيجاد بيت، فأخبرونا أنه لا توجد أمكنة شاغرة. توجهنا إلى مركز سبلين بعدما علمنا بأنه يستقبلنا، وما إن وصلنا حتى سجلنا أسماءنا، وتسلمنا غرفة. كل شيء متوفر من أغطية وفرش ومياه، لكن المشكلة أن هناك 15 شخصاً في الغرفة”.
وتقول النازحة الفلسطينية لطيفة الصفدي من بلدة العباسية في صور: “بعدما اشتد القصف وسقطت صواريخ بالقرب منا، تركنا بيوتنا وجئنا إلى مركز سبلين. خرجنا من بيتنا عند الساعة الحادية عشرة ظهراً ووصلنا متأخرين بسبب ازدحام السير. تعبنا على الطريق وعطش الأولاد. استغل أشخاص حاجتنا إلى المياه وباعونا عبوة المياه الصغيرة بمائة ألف ليرة لبنانية (أكثر من دولار). جئنا إلى مركز سبلين لأنه آمن. اضطررت أنا وبناتي وأحفادي إلى دفع 150 دولاراً لسيارة الأجرة لنتمكن من الهرب”.
بدورها، تقول اللاجئة الفلسطينية رسمية درويش، النازحة من مدينة صور: “كنت في البيت مع زوجي وأربعة من أولادي حين نزل صاروخ بالقرب منا. خاف أولادي علماً أن سقف منزلنا من الزينكو، ما يعني أن أية شظية قد تقتلنا. كما أن البيوت متلاصقة ببعضها البعض وليست آمنة. جئنا إلى مركز سبلين حيث المكان آمن وأونروا تقدم مساعدات”. تضيف أن “قدرتنا على الإنفاق كوننا عائلة ضئيلة جداً”. وتوضح أنه في المركز، “وجدنا الرعاية وقُدم لنا ما نحتاجه من فرش وبطانيات وأدوات تنظيف. نخشى أن تطول أيام الحرب. ولا نعرف ما يمكن أن نفعله إذا ما توقفت خدمات أونروا”.
وبحسب أحدث إحصاء لأونروا، فإن العدد الإجمالي للاجئين الفلسطينيين المسجلين لديها في لبنان بلغ 489 ألفا و292 لاجئا. وتفيد تقديرات ميدانية بأن عدد المقيمين منهم فعلياً في البلاد يبلغ نحو 250 ألف شخص.
وتفيد تقديرات “أونروا” بأن 45% من اللاجئين الفلسطينيين يعيشون في 12 مخيما مكتظا باللاجئين في لبنان، ويحصل حوالي 200 ألف لاجئ فلسطيني سنوياً على خدمات الوكالة في لبنان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى