لبنان: نازحون في صيدا يتمنون العودة إلى بيوتهم
العربي الجديد- انتصار الدّنّان
أكثر ما يتمنّاه النازحون إلى مدينة صيدا في جنوب لبنان هو العودة إلى بيوتهم وتسجيل أولادهم في المدارس، بعد عام صعب، آملين أن تتحقق أمنياتهم.
منذ الثامن من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، تشهد الحدود اللبنانية الجنوبية اشتباكات مع العدو الإسرائيلي، الأمر الذي اضطر بعض اللبنانيين للنزوح إلى مناطق أكثر أماناً. واختار البعض النزوح نحو مدينة صيدا (جنوب لبنان)، وخصوصاً من العرقوب التي تضم شبعا، كفرشوبا، الهبارية، كفرحمام وراشيا الفخار والماري والفرديس.
وتقول النازحة من بلدة كفرشوبا في منطقة العرقوب من قضاء حاصبيا (جنوب لبنان)، إلى تلة مار إلياس في حارة صيدا (جنوبي لبنان)، سهى القادري: “البيت الذي نزحتُ إليه هو في الأساس ملك لنا. لكن ليس في البيت أثاث. وكوننا نازحين، نحتاج إلى أمور عدة. ليس لدينا غير فرشة واحدة وغاز والقليل من الملابس التي استطعنا إخراجها معنا. بالتأكيد، حياتنا ليست كما كانت قبلاً، أو ليست كما كنا في بيتنا في كفرشوبا. حتى الطقس هنا مختلف”.
تتابع: “لدي ثلاثة أولاد. سأسعى إلى تسجيلهم في المدارس في صيدا. المصاريف كثيرة هنا. الحياة في كفرشوبا أقل كلفة من الناحية المادية. زوجي عسكري، لكنه يبحث عن عمل حتى نستطيع تأمين ما نحتاجه”.
من جهتها، تقول النازحة من بلدة عيترون (قضاء بنت جبيل) إلى مدينة صيدا، وتقيم في منطقة الفوار (شرق مدينة صيدا)، أم محمد: “نعيش اليوم ظروفاً صعبة لأن زوجي لا يعمل. بالتأكيد، المصاريف في المدينة أكثر مما هي عليه في بلدتنا. علمنا أن بيت جيراننا تهدم، لكن لم نعرف شيئاً عن بيتنا لأننا لم نتمكن من الذهاب إليه وتفقده، علماً أنه عبارة عن ثلاث غرف. لكننا هنا ننام على الأرض. هنا أغسل يدوياً”.
تتابع: “بصراحة، هناك مشكلة إذا طال وجودنا هنا. أريد أن أرسل أولادي إلى المدارس. العام الماضي درسوا أونلاين. اضطررت إلى بيع قطتي بسبب الحاجة إلى المال، وقد أجبر على بيع قطتي الثانية لتأمين اللوازم المدرسية في الوقت الحالي”. تضيف: “كنا نملك دكاناً في القرية. هنا، يحاول زوجي البحث عن عمل. يوفق أحياناً. ويساعدنا ابننا الذي نجح في الشهادة المهنية بتخصص التمريض، علماً أنه يعمل حالياً في محل ميكانيك للسيارات”.
تقول: “نتمنى أن تتوقف الحرب اليوم حتى نعود إلى بيتنا. في بداية زواجنا، قدم لنا أناس بيتهم لمدة ثلاثة أشهر من دون طلب بدل إيجار. بعد ذلك، اضطررنا إلى استئجار منزل بعدما احتاج أصحاب البيت إليه. زوجي يبلغ من العمر خمسين عاماً، ويشعر بالضغط بسبب عدم وجود عمل”.
إلى ذلك، يقول منسق عام تجمع المؤسسات الأهلية في صيدا، ماجد حمدتو: “الاستجابة في حالات الطوارئ والكوارث هي جزء من عمل تجمع المؤسسات الأهلية، ونعمل ضمن إطارين: الكوارث والعمل التنموي. اختبرنا الحروب في أعوام 1993 و1996 و2006. نشعر في المؤسسات الأهلية أنه يجب أن يكون لدينا خطة طوارئ، ونعمل على تطوير الخطة كل فترة. وخطة الطوارئ هي لمدة ثلاث سنوات، وتجدد إذا كان هناك تعديل أو إضافات. علمتنا التجارب الكثير. في عام 2006، استقبلت صيدا نازحين من الجنوب، وتم فتح 72 مركز إيواء. نعمل في إطار تطوعي مشترك لبناني وفلسطيني، واستطعنا أن نخلق تنوعاً بالنسيج الاجتماعي الأمر الذي سهل عملنا. نعيش ظروفاً صعبة جداً منذ 30 عاماً. لا مياه ولا كهرباء ولا اتصالات. لذلك، وضعنا خطة طوارئ لحماية كرامات الناس”.
يتابع أنه منذ بدء الاشتباكات على الحدود اللبنانية في الثامن من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، انقسمت إدارة الكوارث إلى ثلاث محطات. وبسرعة، فتحت المدارس أمام النازحين في المناطق التي وصلوا إليها. البعض كان يعود ليلاً إلى بيته، فيما أقام البعض في مبان سكنية، وتوجه آخرون إلى ميدنة صور وعدد أقل إلى صيدا. ليس هناك قرار بفتح المدارس. وكلّما زادت العمليات العسكرية، زاد النزوح ما يؤدي إلى فتح مدارس إضافية. لدى غالبية النازحين لديهم بيوت في صيدا كانوا قد اشتروها في حروب سابقة. وغالبية النازحين من صيدا هم من العرقوب وشبعا والهبارية.
يضيف: “تقدّم بعض الجمعيات المساعدة لكن ليس بشكل مستمر. وفي ما يتعلق بفتح مراكز الإيواء، لدينا مشاكل ليس فقط على مستوى المستلزمات الضرورية للناس، بل ينسحب الأمر إلى عدم توفر الكهرباء والمياه في المدينة، وهذه أمور يجب أن تتأمن. في هذا الإطار، نبحث عن مؤسسات بالتنسيق مع المحافظ وبلدية صيدا وغرفة العمليات المشتركة مع عمليات صيدا من أجل تأمين الاحتياجات. من جهة أخرى، فإن خطة الطوارئ والإسعاف موجودة”.