تحقيقات

لاجئون فلسطينيون في لبنان ينزحون إلى المخيمات والشمال

العربي الجديد- انتصار الدنان

بعد العدوان الإسرائيلي على جنوب لبنان اختار عدد من الفلسطينيين النزوح نحو مخيم عين الحلوة في صيدا، ولم يرضوا بالذهاب إلى المدارس التي فتحتها وكالة “أونروا”، كون المدارس ليس فيها خصوصية، ما جعلهم يختارون اللجوء إلى منازل أقارب لهم أو إلى الأصدقاء.
نزح بعض الفلسطينيين من جنوب لبنان بعد اشتداد الضربات الإسرائيلية، ومنهم من نزح من مخيمات بيروت، بعد أن استُهدفت الضاحية بصواريخ ثقيلة، وصلت شظاياها إلى المخيم، لكن المفارقة أن بعض من نزحوا هرباً من القصف طاولتهم صواريخ استهدفت منزل اللواء منير المقدح، وحالياً يفكر الكثير منهم في النزوح نحو طرابلس ومخيماتها، ومنهم من يفكر في النزوح إلى مدرسة خارج المخيم.

يقول عضو اللجنة الشعبية في القاسمية (جنوب لبنان)، قاسم خليل: “يفترض ألا أترك بيتي ومنطقتي بسبب عملي، لكني مصاب بالسكري، وقد أجريت قبل فترة عملية قلب مفتوح، وأغيب عن الوعي فجأة، وأحتاج لاستخدام الأوكسيجين، وإن بقيت وحدي وحصل معي إغماء فجائي، ولم أذهب إلى المستشفى قد أتعرض للموت. نسمع منذ بداية العدوان على جنوب لبنان أصوات القصف، لكنها كانت بعيدة، ما جعلنا نقرر البقاء في بيوتنا، لكن بعد أن اشتد القصف، ووصلت الضربات إلى مناطق قريبة، قررنا ترك البيت، والتوجه إلى مخيم عين الحلوة عند قريب لنا”.
يضيف اللاجئ الفلسطيني: “بعد وصولنا إلى المخيم بأسبوع استُهدف منزل منير المقدح بالطيران، عندها فكرت بالتوجه إلى بيروت، لكن وضعي المادي صعب، وأحتاج إلى علاج دائم، وابني الموجود في ألمانيا يساعدني في المصاريف، لذا فضلت البقاء في المخيم، كون الضربات تركزت على الشارع التحتاني ونحن نسكن في الشارع الفوقاني، لكن إن استُهدف المخيم مرة ثانية، سأضطر إلى التوجه إلى بيروت، والبحث عن منزل”.

ويخبر خليل أيضاً: “غادرت مخيم جرمانا في سورية عام 2012، بعد أن صار معرضاً للاستهداف، وبعد وصولي إلى بيروت، انتقلت إلى بيت خالي في القاسمية، وأمنت لنفسي عملاً، وفي عام 2022 توقفت عن العمل بعد تعرضي لحادث، لكن قبل فترة بدأت بعمل جديد، وبعد أن اشتد القصف بالقرب من بيتنا، أرسلت زوجتي وأولادي إلى مخيم عين الحلوة، وبقيت في البيت، لكن حين أغار الطيران الإسرائيلي على المنطقة، قررت المغادرة إلى عين الحلوة. أشعر بالخطر، وبأن الحرب تلاحقنا من مكان إلى آخر، وقد فكرت بالعودة إلى سورية، لكن السفر يحتاج إلى مال لا أملكه، ولدي مبلغ صغير خصصته لتوفير الأكل”.

من جانبه، يؤكد أمجد أبو سويد، العامل في اللجان الاجتماعية لإحصاء النازحين إلى مخيم عين الحلوة: “منذ بدء الأزمة في جنوب لبنان، استقبل المخيم مئات النازحين، وعملنا على تأمين منازل لهم، والعديد منهم ذهبوا إلى أقارب لهم. حالياً، أعداد النازحين إلى المخيم تقدر بنحو 500 عائلة. وهناك من ينزح إلى المخيم لفترة، ثم يتركونه إلى مكان آخر، وقد زادت أعداد الناس الذين يريدون المغادرة بعد أن استُهدف منزل في المخيم”.

بدورها، تقول النازحة من مخيم برج البراجنة ببيروت، ديبة شاكر درباس، المتحدرة من طيرة حيفا: “بعد استهداف المبنى الذي اغتيل فيه السيد حسن نصر الله، شعرنا بأن البيت سيقع فوق رؤوسنا، وأُبلغنا بضرورة الإخلاء. أعيش مع ابنتي وزوجها وأولادها، وعندما علم زوج ابنتي بالأمر قرر أن نغادر المخيم الذي غادر الكثير من سكانه كونه قريباً من الضاحية. توجهنا إلى الشارع للبحث عن سيارة فلم نجد، فتوجهنا نحو طريق المطار سيراً على الأقدام، وبقينا في الشارع إلى أن استقبلنا رجل في بيته بعد أن هربت زوجته وأولاده من البيت”.
تضيف درباس: “في الصباح توجهنا إلى مخيم عين الحلوة عند أخت زوج ابنتي، لكن عند الفجر سمعنا صوت صاروخ يمر فوق البيت، ولاحقاً علمنا أن الطيران الإسرائيلي استهدف منزل منير المقدح. شعرت بالخوف، وقلت في نفسي إلى أين سنهرب، وأنا مريضة سكري، وأحفادي يخافون، فقررت الذهاب إلى طرابلس والبحث عن بيت للإيجار، ليس لنا أقارب هناك، وفي الوقت نفسه لا نستطيع استئجار منزل كبير، فزوج ابنتي عامل باطون، وليس بإمكاننا تحميل أنفسنا ما لا نستطيع، كما لا نستطيع الذهاب إلى مدرسة، حيث لا خصوصية للإنسان، وأنا أحتاج دخول الحمام بشكل متكرر، وحمامات المدرسة مشتركة”.

وتقول الطفلة زهراء إبراهيم (عشر سنوات): “عندما قصف الطيران قرب بيتنا شعرت بالخوف على أبي الذي كان يعمل في البستان عندما سقط الصاروخ، وبعدها قرر أبي أن نغادر، وقد حملنا معنا بعض الملابس، ونزحنا إلى مخيم عين الحلوة. أتمنى أن تنتهي الحرب كي أعود إلى بيتي، إذ لا أشعر هنا بالهدوء، كما أريد العودة إلى المدرسة، وأن أرى رفيقاتي”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى