الحراك الطلابي العالمي شرارة الانطلاق ومروحة التغيير
غسان أبو نجم- المكتب الإعلامي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في لبنان
شهد العديد من دول العالم حراكًا طلابيًا، انطلقت شرارته في الولايات المتحدة الأمريكية، وامتد هذا الحراك لدول أوروبا احتجاجًا على حرب الإبادة الجماعية التي تشنها أمريكا وحليفها الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني، في الضفة الغربية وقطاع غزة.
ربما لم يكن يتوقع مهندسو حرب الإبادة الجماعية في أمريكا والكيان الصهيوني أن يكون تأثير هذه الحرب سيصل إلى حد أن تغير معركة طوفان الأقصى وجه العالم، وتدفع بالجماهير الغاضبة إلى الشوارع، وتشعل فتيل الحركات الطلابية، لتمتد شعلتها داخل معظم جامعات أمريكا وبعض دول أوروبا، نصرة للشعب الفلسطيني، واعترافًا بعدالة قضيته، وكشف الوجه النازي للكيان الصهيوني وجرائمه ضد الإنسانية، وتعرية تابو المظلومية التي تحصن خلفها لعقود.
شكلت الحركة الطلابيه عبر التاريخ الشرارة التي توقد فتيل الحراك الشعبي، وتفعّل مروحة التغيير عبر سلسلة من الإضرابات والاحتجاجات والمظاهرات التي تدفع إلى كشف حجم التورط الحكومي الرسمي، ففي العام ١٩٦٨ وأثناء الحرب الأمريكية الفيتنامية جرت احتجاجات طلابية شملت العديد من المعاهد والجامعات الأمريكية، للضغط على الحكومة الأمريكية لوقف عدوانها على الشعب الفيتنامي، وساهم هذا الحراك إلى دفع الجماهير الشعبية في أمريكا للخروج للشارع، ما دفع الحكومة الأمريكية للخروج مهزومة من فيتنام، والأمثلة على دور الحركات الطلابية حول العالم كثيرة، وما يحدث اليوم من حراك طلابي متناغم في معظم بلدان العالم الغربي يشكل أداة ضغطت فاعلة دفعت إدارة الشر في البيت الأسود إلى التنصل من حقيقة دورها الأساس في حرب الإبادة ضد الشعب الفلسطيني، ودفعت مجرم الحرب نتنياهو إلى الطلب من حكومات الدول التي يجتاحها هذا الحراك، وإدارة الجامعات إلى التصدي لهذه الحركات، لأنها تساهم في كشف حقيقة الكيان الصهيوني وجيشه الإجرامي في حرب الإبادة ضد الشعب الفلسطيني.
لقد حاول بعض مثقفي ربع الساعة الأخيرة التقليل من شأن هذا الحراك الطلابي، ووسمه بالعبثي، وكأن الطلبة مطلوب منهم إحداث ثورات اجتماعية، وهذا التوجه يتسم بالطفولية، وإذا افترضنا سوء النية، فهم أدوات ثقافية للغرب الإمبريالي الذي يحاول التقليل من أهمية ودور معركة طوفان الأقصى، ودور المقاومة الوطنية اللبنانية، ودور القوات المسلحة اليمنية، والتشكيك بالدور الإيراني، ومحور المقاومة في المعركة المفصلية التي يخوضها الشعب الفلسطيني.
إن الحراك الطلابي العالمي يشكل بداية النهاية لسقوط السردية الصهيونية التي هيمنت على الشعوب الغربية ومدت جذورها في مؤسسات وجامعات وإدارات هذه الدول، وساهمت وستساهم في كشف الأكذوبة الكبرى التي سوقتها الحركة الصهيونية عبر عقود حول أحقية اليهود في فلسطين، وكشفت زيف الديموقراطية الصهيونية عبر كشف دور الكيان الصهيوني وحليفها الأمريكي في قتل الأطفال والنساء والشيوخ، وتدمير البنية الصحية والمجتمعية للشعب الفلسطيني، ومحاولات التهجير القصري لهذا الشعب، وشكل هذا الحراك بداية الإدراك العالمي للسردية الفلسطينية، وعدالة وصدقية حقه في وطنه فلسطين التي جهد الكيان الصهيوني وحلفاؤه في تزييف، وطمس هذا الحق وسيشكل هذا الحراك الذي بدأ بالتمدد في العديد من الدول حول العالم إلى المزيد من كشف حجم التورط لهذه الحكومات في دعم الكيان الصهيوني على حساب رفاهية وحق هذه الشعوب مما يمهد لحراك شعبي جماهيري ضد هده الحكومات.