أبرزثقافة

مركز باحث ينظم لقاءً حواريًا بعنوان|فلسطين 1948 – 2025

أسئلة الهوية والنكبة والنصر

بوابة الهدف الإخبارية

نظّم مركز باحث للدراسات الفلسطينية والاستراتيجية، لقاءً حواريًا، بمناسبة الذكرى السابعة والسبعين للنكبة الفلسطينية، تحت عنوان: ” فلسطين 1948 – 2025 أسئلة الهوية والنكبة … والنصر”.

وشارك في اللقاء كل من: الرفيق مروان عبد العال، عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، والدكتور يوسف نصرالله، رئيس مركز باحث، والرفيق فتحي كليب، عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، والإعلامي الفلسطيني حمزة البشتاوي، والباحث أيهم السهلي، إلى جانب نخبة من الشخصيات الفكرية والأكاديمية والإعلامية.

وفي مداخلته، قال الرفيق مروان عبد العال: “في ذكرى النكبة وملحقاتها، ثمة أسئلة تستحق المناسبة، لأنها أسئلة البحث عن نقطة الوضوح في معنى النكبة والهوية والنصر، من خلال وعيها ماضياً وحاضراً ومستقبلاً. وأهميتها أن النكبة لا تزال عملية راهنة بالمعنى المباشر والضمني والتاريخي، لذلك، فهذه الذكرى ليست مجرد عملية بكائية أو رثائية، بل عملية اجتماعية ثقافية سياسية شاملة”.

وأشار عبد العال إلى أنّ “النكبة هي أكبر من حدث عادي، لأنها ليست ناتجة عن حرب عادية، بل هي جريمة مخططة بهدف معلن، ولها خلفية أيديولوجية معلنة، تفريغ فلسطين من أهلها، كما قال ألان بابيه في كتابه التطهير العرقي”.

وأوضح عبد العال أنّ “النكبة ليست الجريمة التي وقعت في 15 أيار/مايو 1948، بل التي بدأت قبلها وما زالت مستمرة بعدها”، وقال: “فشل ثورة 1936 كان الخطوة الهامة نحو نكبة 1948، لأن هذه الثورة كانت حرب تحرير وثورة الاستقلال الحقيقية من الاحتلال البريطاني والمشروع الصهيوني، وفشل هذه الثورة مهّد الطريق لنكبة 1948”.

وأضاف عبد العال: “كما أشار الشهيد غسّان كنفاني في كتابه ثورة 36-39 في فلسطين: خلفيّات وتفاصيل وتحليل، فإن الحركة الثوريّة الفلسطينيّة تلقّت، ما بين العامين 1936 و1939، ضربة ساحقة في ثلاث نقاط شكّلت المعضلة الأساسيّة التي واجهها شعب فلسطين، وهي: القيادات المرجعية المحليّة ذات الطابع الإقطاعي الرجعي، ومن خلفها الأنظمة العربيّة المحيطة بفلسطين، والحلف الإمبرياليّ – الصهيونيّ”.

وتابع: “بحثاً عن نقطة الوضوح، فإنّ المقاومة ما تزال تتلقّى الضربات ذاتها من صُنّاع النكبة، من ذات الحوامل الاجتماعية التي تعيد إنتاجها، والتي لم توقف العدوان، ودائمًا هي في الجانب الخطأ من التاريخ. النكبة مستمرة، مع قليل جدًّا من التعديلات في التفاصيل، وليس في الاستراتيجيات العميقة”، مؤكّدًا أنّه “لا يمكن فصل السابع من أكتوبر عن سياقها، ولا اجتزاء الإبادة والتطهير من الماضي”.

وطرح عبد العال تساؤلًا قائلاً: “ما الذي اختلف منذ ثورة 36 حتى اليوم؟ وبماذا تختلف نكبة 48 عمّا جرى في نكسة 67، إلى ما يجري اليوم في غزّة و القدس ورام الله والجليل؟ فهل تغيّرت القوى الرجعيّة المحليّة والعربية؟ أم تغيّرت القوى الاستعماريّة وحليفتها، بل ربيبتها الصهيونية؟ من يتحمّل مسؤولية الإبادة؟ الغرب الاستعماري حتى الآن؟ هم يدفعون تعويضات المحرقة، إذًا الذي يتحمّل مسؤولية الإبادة هي المكوّنات الاجتماعية التي سمحت بارتكابها”.

وفي تناوله لمسألة الهوية، لفت عبد العال إلى أنّ “منطق النظام الاستعماري هو التفكيك، تفكيك الهويات، لزوم العولمة أن لا هوية خارج الجغرافيا والتاريخ. والأوطان والهوية الوطنية مستمدّة من شرعية وقوة الحق الفلسطيني، وشرعية التحرر الوطني في ظل مقاومة كولونيالية تُشكّل خطرًا على الجميع. ويتجلّى الاعتداء على الهوية الوطنية في النزعات التفكيكية، سواء عبر الهويات الأقلية والأكثرية، أو من خلال فرض الهوية الشرق أوسطية، الهوية الثالثة”.

وقال إنّ “امتحان الهوية يتمثل في تلازم السيرورة الفلسطينية مع السيرورة العربية والمشروع العربي، بمقدار ما يعكس مكانة فلسطين في حياة العرب. إعادة إنتاج الهوية الفلسطينية جاء نتيجة للعدو بما مثّله من تهديد فعلي للوجود الفلسطيني على الأرض الفلسطينية. لكنّ هذا التحدي تحوّل إلى فرصة لصعود الهوية الوطنية الفلسطينية، فالشعور بالخطر، بخطر الغزوة الصهيونية، أيقظ الذات الفلسطينية من سباتها أو دفعها إلى إدراك أنها مستهدفة من الآخر”.

كما أوضح أنّ “فكرة أنّ فلسطين هي قضية العرب الأولى، قضية مركزية، كانت محور الهوية العربية أو أحد أشكال التعبير عنها. والحقيقة أنّ التطورات التاريخية منذ عام 1948 وحتى اليوم تُثبت أنّ تبنّي قضية فلسطين والتفاعل معها شكّل محور حياة العرب، في تلازم عبّرت عنه الناصرية، وكان الهدف منه بناء مشروع عربي لتحرير فلسطين”.

وتابع: “مرة أخرى، بحثًا عن نقطة الوضوح: الأطروحة المضادة نظرت بعين الخطر إلى احتلال فلسطين وتأثيره على حياة العرب ووجدانهم ووعيهم. صُنّاع النكبة والنكسة تحوّل هدفهم من منع العرب من وضع أي استراتيجية لتحرير فلسطين، إلى تحرير العرب أنفسهم من قضية فلسطين. التطبيع الإبراهيمي هو أحد أشكال هذا التحرير المزعوم للعرب من فلسطين”.

وفي معرض حديثه عن سؤال النصر، تساءل عبد العال: لمصلحة من يجري التاريخ؟ مجيبًا: “إن التاريخ لمن يملكه، لا لمن يُهمله أو لم يملأه. التاريخ لمن يعمل، لا لمن يأمل فقط. لذلك، نحن أمام حقيقة: لا يستطيع الصهيوني أن ينتصر، ونحن لا يمكن أن نُقرّ بهزيمتنا. إنّ إسرائيل كيان بلا مستقبل، وانهيارها عملية مكلفة ندفع ثمنها نحن والعالم. هذه قناعة موضوعية، لا إيمانية فقط. فإذا عرفنا أيّ إسرائيل نقاتل، وما هي امتداداتها وحواملها، وعناصر قوتها ونقاط ضعفها، سنفهم أنّها كيان مأزوم، ولكن انهياره لن يكون بضربة قاضية، بل عبر عملية تراكمية تاريخية”.

وبيّن أنّ “فلسطين قضية مركزية للعرب، والوجه الآخر لإسرائيل هو مشكلة العرب. وبقدر ما هي حالة اختلالية في السياسة العربية، فهي أيضًا موضوع السياسة الداخلية لكل نظام عربي، صاحبة التوقيع على أي إنماء أو تسليح، حتى بالنسبة للأنظمة المطبّعة. لذلك، يستحيل فصل قضية فلسطين عن المنطقة”، مشيرًا إلى أنّ “فلسطين تحوّلت إلى أيديولوجيا عالمية للتحرر بامتياز، في مواجهة أيديولوجيا الصهيونية العالمية، التي تمثل أيديولوجيا ناقصة، ورمزًا للوحشية والقبح والقهر والحروب والإبادة والهيمنة الرأسمالية والعنصرية والاستعمار على النظام الدولي”.

وفي ختام حديثه، قال عبد العال: “السؤال التأملي، المنطقي، واليقيني المُلحّ: كيف ننتصر؟ سؤال تطرحه حقيقة الجغرافيا والتاريخ وموضوع الصراع. إنّ هناك رمزية تُسمّى فلسطين، بل لعبقرية وقدسية المكان، لهذا الساحل المشرقي الممتد من غزّة إلى سوريا مرورًا بلبنان، تكثيف للمجد والتاريخ العربي، وكل ما في السياسة من عرفانية بالمفهوم الأخلاقي العظيم. لدينا الإرادة والوعي والمقاومة لنراهن على المستقبل، عندما نعرف كيف تُهزم النكبة ومفاعيلها وامتداداتها… عندها نُحقّق العدل والنصر ونسترد فلسطين”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى