مقالات

القدس في يومها العالمي: وجع الخذلان وهتاف الصامدين

الأخبار* حمزة البشتاوي

تتجسّد في القدس كل المعاني النبيلة والأفكار الثورية الرافضة للظلم والظلام والاحتلال، وكلما حضر اسم القدس تتحوّل السواعد إلى أحصنة تبشّر بالأمل على أجنحة من يقين لتؤكد على حضورها المدوّي في الفكر والوعي والوجدان. وانطلاقاً من هذا الحضور تدور المواجهات التي لم تهدأ ولن تهدأ بين القدس وأهلها مع قوات الاحتلال، خاصة بعد معركة «طوفان الأقصى» حيث حوّل الاحتلال القدس إلى مدينة بوليسية يعيث فيها تنكيلاً وفساداً وخراباً واعتقالات وتكميماً للأفواه. إضافة إلى الإصرار على الهدم بمعاول وجرافات إيديولوجيا الاستيطان في أحياء ومقدسات المدينة التي تضج بالحياة والصلوات والحب والحرب.

ويتحمّل الشبّان في القدس مسؤولية الدفاع عنها بمواجهة الاحتلال وعمليات التهجير والاستيطان والقتل اليومي الذي يمارسه جنود الاحتلال والمستوطنون، وهذا ما يدفع شباب القدس للقيام بعمليات رشق الحجارة أو الطعن والدهس لجنود الاحتلال حاملين في وجدانهم كلمات الشهيد باسل الأعرج الذي قال: ليس عليك الثأر فقط بل أن تحسن الثأر. وهذا ما يحصل في القدس وأكنافها رداً على الدم المسفوح في غزة ولكل ضحايا الاحتلال والأرض والناس، ولما لنا من الحكايات والأناشيد العالية في القدس التي تعاني من وجع الخذلان والاحتلال.

وسوف تحضر القدس في يومها العالمي مجدداً في ضمير أحرار العالم حاملة كل الأسماء والهتافات المشعة بالأمل واليقين، وستحضر في المسيرات التي تدعو إلى تصعيد المقاومة من أجلها حيث يردد فيها الشباب كعادتهم هتافات مرتبطة بالقدس والأسرى والشهداء والمقاومة مثل «بلا سلمية وبلا بطيخ بدنا رصاص وصواريخ») و«ع الحواجز يا ثوار خلو الضفة تولع نار» و«من رام الله أعلناها قدسنا وإحنا فداها عاصمتنا الأبدية» و«مهما تهدم من بيوت بنبقى هون حتى نموت» و«نموت وتحيا القدس والشهادة أحلى عرس» و«القدس القدس يا رئيس لا تبدلها بأبو ديس» و«عالقدس رايحين شهداء بالملايين»، وهذه الهتافات تولد شحنة أمل لا ينقطع بالعودة والتحرير.

وفي ظل استمرار حرب الإبادة على قطاع غزة، فإن العين إن نظرت إلى القدس سترى وراء كل حجر فيها مقاومة ودماء تروي مجدها وزيتونها المقاوم لوجود الاحتلال ولسان حالها وحال أهلها يقول إنّا على العهد يا قدس والعهود وفاء.

وفي الحديث عن المسيرات والهتافات كان لافتاً هذا العام ضعف التحركات في العديد من الدول العربية والإسلامية تضامناً مع غزة والقدس وذلك قياساً على ما جرى منذ أيام في بريطانيا حيث انطلقت مسيرة من أجل القدس، حمل المشاركون فيها أعلام فلسطين ولافتات باللغتين العربية والإنكليزية، مطالبين بوقف إطلاق النار في غزة، وأطلقوا هتافات مثل «حرّروا فلسطين» و«إسرائيل نظام إرهابي عنصري» و«أنهوا حصار غزة» و«قاطعوا إسرائيل» وقام يهود معادون للصهيونية بإحراق العلم الإسرائيلي وداسوا عليه وحملوا لافتات كُتب عليها «يجب أن تزول إسرائيل»، وهم بهذه الهتافات يوجّهون التحية بحرارة إلى شباب القدس «ضرّيبة» الحجارة الذين يهتفون اليوم: «ما في خوف ما في خوف الحجر صار كلاشينكوف».
* كاتب فلسطيني

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى