موقع صدى الولاية الإخباري- *د. طراد حمادة
المقارنة بين نص اتفاق وقف إطلاق النار، وبين نص القرار 1701، تظهر أن حفظ مرجعية القرار 1701 لوقف إطلاق النار، تحتفظ بشرعيتها الكاملة. لا يزال هذا القرار مرجعاً دولياً لوقف إطلاق النار، وقد استطاع المفاوض اللبناني المحافظة عليه من دون زيادة أو نقصان كما يردّد دولة الرئيس نبيه بري.
في قراءتنا لنص القرار 1701، يظهر ما تم الاتفاق عليه في الجانب المتعلق ببند انتشار الجيش في منطقة جنوب نهر الليطاني، وذلك استناداً إلى القانون المتعلق بمسألة تكليف الجيش اللبناني مهمات أمنية داخلية أكثر من دور مساندة قوى الأمن الداخلي. وهذا ما تم الاتفاق عليه وفقاً للقانون المنظم له، مع التأكيد على عدم إعلان منطقة الجنوب اللبناني منطقة عسكرية، ولذلك حصل إلغاء القرار الذي يحدد منطقة بعلبك الهرمل كمنطقة عسكرية.
بمعنى أن منطقة جنوب الليطاني تبقى في ظل انتشار الجيش اللبناني، منطقة مدنية فيها كل السلطات المتعلقة بهذا الأمر. سلطة المحافظ وقوى الأمن والقضاء المدني ودور الأمن العام والبلديات والحريات، وسوى ذلك من أشكال السلطة المدنية. وحصل ذلك بإجماع مجلس الوزراء في حينه، كصورة مفاضة عن الديموقراطية والحفاظ على الحريات المدنية وحقوق الإنسان في لبنان، كما في بقية دول العالم وفقاً لما تعلن سلطاتها وتسنّ قوانينها.
وعليه، يقوم الجيش اللبناني بمهماته الوطنية والأمنية جنوب نهر الليطاني وفقاً للقرار المبين أعلاه، وهذا لم يتغير في دوره الوطني والأمني، في قرار وقف إطلاق النار لأن مسألة مرجعية القرار الدولي 1701 أمر جوهري، وليست أمراً شكلياً. لأنه قرار صادر عن مجلس الأمن الدولي، وأي تعديل جوهري فيه، يستلزم العودة إلى مجلس الأمن الدولي، ونكون أمام قرار جديد. وهو ما لم يحصل لأسباب عدة من بينها، أن القرار الدولي رقم 1701 أثبت قدرة على حفظ الاستقرار على الحدود اللبنانية الفلسطينية خلال عقدين من الزمان رغم خروقات العدو.
إن العدوان على غزة، وحرب المساندة في لبنان، ضمن قواعد اشتباكها لم تحل دون العودة في حال توقفت إلى مندرجات القرار الدولي 1701، واستمر هذا القرار محتفظاً بمشروعيته وزخمه وصلاحيته. والحرب على لبنان، ثبّتت في خريف 2024 موازين القوى في حرب تموز آب 2006، ولم يستطع العدو تغيير معادلة ميزان القوى في ميدان الحرب، بل حققت المقاومة تعديلاً إيجابياً لمصلحتها، يمكن أن ننظر إليه كتثبيت لانتصار حرب تموز، وتحقيق انتصار مكرر في حرب تشرين 2024.
وعليه، فإن الوضع المتعلق بدور المقاومة، وفقاً لمقولة وحدة الجيش والشعب والمقاومة، لا تزال تحتفظ بمشروعيتها وزخمها وصلاحيتها، وهي ستكمل حركة الخطة اللبنانية في إستراتيجية الدفاع الوطني.
وهنا يمكن البحث في أمرين يستحقان النظر في قرار وقف إطلاق النار:
الأول: آلية تنفيذ القرار. وهو ما حصل تعديله كقرار تنفيذي في اللجنة الخماسية لتطبيق بنود القرار ومراقبة تنفيذه، وهو إضافة تنفيذية على دور اللجنة الثلاثية السابقة، مع التأكيد على ضرورة التنفيذ.
النقطة الثانية، هي التي أثير الجدل حولها، حول ما عرف بحق الدفاع عن النفس. وهو مصطلح عام، جاء من خارج مندرجات القرار الدولي 1701 الذي يستند إليه كلياً قرار وقف إطلاق النار، وعليه تحتفظ هذه النقطة في طابعها النصي العام. وقد تلعب دوراً في منع خروقات القرار الدولي الذي طالما خرقه العدو الصهيوني وما يزال. إلى جانب أن حق لبنان والمقاومة في الدفاع عن النفس متوافر فيها بشكل متوازٍ في مضمار النص، بصرف النظر عن نوايا العدو في العدوان. وهي نوايا من السنخية العدوانية لهذا الكيان المحتل لفلسطين.
تبقى مسألة مساندة غزة ووحدة الساحات، وهي تستحق مقاربة مستقلة، لكن يمكننا القول إن قرار وقف الحرب على لبنان جاء بعد حرب الإسناد، وفي ظل ما أسميه الحرب الكبرى، وإن الوضع في غزة قوي في الميدان وفي المفاوضات، يمكن أن يكون ما حصل في لبنان مقدمة لوقف الحرب والعدوان على غزة.
وهذا الأمر متعلق قوي وله عناصر تحقق واقعية، وسوف نخص وحدة الساحات كمفهوم إستراتيجي له جانبه العام والخاص الذي يقربه من مفهوم وحدة الأمة والجماعة ووحدة القضية. ولذلك فإنه يتحقق في مواقف الواقع العربي والإسلامي والعالمي المساند للقضية الفلسطينية ووقف حرب العدوان على غزة.
وزير سابق