مقالات

وأخيرًا سقط تابو المحرمات الكيان الصهيوني وقادته أمام الجنائية الدولية

المكتب الإعلامي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في لبنان- غسان أبو نجم

منذ زمن ليس ببعيد وتحديدًا قبل معركة طوفان الأقصى المجيدة لم يكن ليجرؤ شخص كان أو هيئة أو دولة على توجيه نقد للكيان الصهيوني، أو أحد قادته، فالتهمة جاهزة معاداة السامية، وهذه التهمة كافية لشيطنته، وفصله من عمله أو يحارب إذا كان هيئة أو مؤسسة، وتحاصر وتفرض عليهآ العقوبات إن كانت دولة.
إن هذا التابو من التحريم الذي حظي به الكيان الصهيوني على الصعيد الدولي سمح له بالاحتلال والقتل، وتحدي القانون الدولي ومؤسساته مدعومًا من دول الغرب الفرانكفوني والإنجلوسكسوني، تحت يافطة المظلومية التي لحقت باليهود على أيدي النازية.
والحقيقة أن الغرب الإمبريالي، وقوى رأس المال هي من وضعت هذا الكيان فوق المساءلة الدولية، وفرضت حالة من التحريم لمحاسبته، وقدمت له الدعم الاقتصادي والعسكري والسياسي، وعطلت العشرات من مشاريع القرارات الدولية التي تدينه، زادت من عربدته في الإقليم، وساهمت في ارتكابه العديد من الاعتداءت على دول المنطقة لبنان إيران سوريا والعراق، وفرض نفسه شرطيًا للإقليم وحاميًا لمصالح الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائه في الناتو، في الشرق الأوسط، والحارس الذي لا يقهر للعديد من دول المنطقة، مما فتح شهيته للتمدد وطرح مشاريع بالتعاون مع رأس الشر العالمي للتطبيع مع الدول العربية، كالاتفاقات الإبراهيمية، وصفقة القرن، بعد أن أنجز اتفاق أوسلو مع اليمين الفلسطيني المتنفذ في منظمة التحرير الفلسطينية.
استمر هذا الوضع إلى أن غرق في وحل غزة  التى لطالما حلم قادة الكيان الصهيوني أن يصحوا صباحا ويجدوا البحر قد ابتلعها، ليظهر حجمه الحقيقي، وقدراته القتالية التي لم  تظهر إلا في قصف المدنيين، وتدمير المباني والمستشفيات وقتل الأطفال والنساء، مما وضعه قادة وجيش وكيان أمام أول مساءلة دولية عن جرائمه التي ارتكبها في قطاع غزة، بعد سلسلة من الاحتجاجات والمظاهرات التي عمت معظم دول العالم المنددة بحرب الإبادة الجماعيه التي يشنها الاحتلال الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني، مما دفع دولة جنوب أفريقيا إلى التقدم بشكوى للمحكمة الجنائية الدولية تطالب بمحاسبة الكيان الصهيوني وقادته وجيشه، بتهم القتل الجماعي وارتكاب جرائم حرب وإبادة محرمة دوليا، ولم تستطع الولايات المتحدة الأمريكية الشريك القوي لهذا الكيان أن توقف هذه الدعوى، بسبب الضغط الشعبي العالمي، ومظاهرات الجماهير في أصقاع الأرض كافة.
إن صدور مذكرات اعتقال بحق مجرمي الحرب، نتنياهو وغالانت تعد ضربة قوية للكيان الصهيوني، ليس لأنها الأولى في تاريخ إجرامه الممتد منذ ٧٥ عامًا فقط، بل بالارتدادات التي تلي هذا القرار بالاعتقال، بل سيمتد ليشمل جيش الإبادة الجماعية الصهيوني، باعتباره أضخم منظمة إرهابية، واستدعاء قادته وكبار ضباطه، وكل من أصدر الأوامر بالقتل، وسيخضع الكيان الصهيوني لسلسلة من قرارات منع تصدير السلاح له، وتعريض الدول غير الملتزمة بقرار المنع للمساءلة الدولية، عدا عن اعتقال قادة الكيان السياسين والعسكريين المطلوبين للمحكمة في حال سفرهم خارج الكيان، وستفتح ملفات المخالفات كافة، التي ارتكبها الكيان الصهيوني منذ احتلاله فلسطين، ورفضه الإلتزام بالقرارات الصادرة عن المؤسسات الدولية، وسيطال القرار شركاء الكيان الصهيوني في حرب الإبادة الجماعية مثل أمريكا وألمانيا وبريطانيا، ومؤسسات القرار كافة فيها، والتي زودت الكيان الصهيوني بالأسلحة، وعطلت القرارات الأممية بوقف العدوان على الشعب الفلسطيني، وسيشمل القرار حصارًا اقتصاديًا على الكيان الصهيوني في حال عدم امتثاله لأوامر الاعتقال.
إن صدور هكذا قرار يشكل بداية مهمة على طريق سقوط تابو المحرمات عن الكيان الصهيوني، وخطوة إلى الأمام على طريق اعتبار الكيان الصهيوني قوة احتلال لأرض فلسطين، وإن المظلومية التي رفعها كيافطة وغطاء لاحتلاله أرض فلسطين لا تمثل مستندًا قانونيا أو شرعيًا لاغتصاب أراضي الغير، وإقامة كيانه المارق عليها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى