تحقيقات

صيدا: متطوعون يقدمون وجبات للنازحين

العربي الجديد- انتصار الدنان

في ظل شح المساعدات المقدمة للنازحين في مدينة صيدا، جنوبي لبنان، تتنشر مبادرات فردية لتقديم الوجبات الغذائية وغيرها، وسط دعوات لزيادتها.

امتلأت مدارس مدينة صيدا (جنوب لبنان) الرسمية، التي استقبلت النازحين من المناطق والقرى التي يستهدفها العدوان الإسرائيلي منذ يوم الاثنين الماضي، وسط غياب مساعدات الدولة وشح في التقديمات التي يجب أن توفرها المؤسسات العاملة في المنطقة، من فرش وأغطية ووسائد ووجبات طعام وأدوية وحليب وحفاضات للأطفال وغيرها. ووسط هذا العجز، نشطت مبادرات فردية لتقديم الوجبات الغذائية.
في هذا السياق، يقول الطاهي محمد عبد المنعم، من مدينة صيدا: “لم نشهد حركة نزوح كالتي تحصل اليوم”، لافتاً إلى أنها “لا تشبه ما شهدناه خلال حرب تموز/ يوليو عام 2006، وسط غياب تام وشح للتقديمات الضرورية للناس”. يضيف: “انطلقت مبادرتنا مع بدء الأزمة الاقتصادية في لبنان. كنا نقدم وجبات جاهزة لعدد كبير من العائلات المتعففة. لكن عندما بدأ العدوان يوم الاثنين الماضي، نزحت العائلات نحو مدينة صيدا وفتحت المدارس أبوابها، وبدأنا التواصل معها لمعرفة أعداد النازحين من أجل تأمين وجبات غذائية لهم ظهراً ومساء. كنّا قد أعلنّا عن حاجتنا لمتبرعين من أجل تأمين الاحتياجات من الوجبات الغذائية، وعممنا رقم هاتف على الناس من خلال وسائل التواصل الاجتماعي. حاجة الناس كبيرة جداً، وقد استطعنا تأمين 5000 وجبة في يوم واحد”.
يضيف: “هدفنا الأساسي تأمين ما يحتاجه الناس. يتبرع بعض الأشخاص بمواد عينية كالأرز والدجاج والمياه وغيرها من الاحتياجات، والبعض الآخر يتبرع بمبالغ مالية”.
يعمل المتطوعون بكامل طاقتهم ولا ينامون من أجل تأمين هذه الوجبات. نؤمن يومياً وجبتي غداء وعشاء. الغداء هو عبارة عن أرزّ ولحم، والعشاء مناقيش أو شطائر”. يتابع: “في البداية، كنا نوزع الطعام على ثلاث مدارس افتتحت أبوابها. في الوقت الحالي، نوزع الطعام على عشرة مراكز، والأعداد ترتفع يوماً بعد يوم. نتواصل مع المسؤولين لمعرفة أعداد النازحين. بدورنا، نرسل الوجبات ونسلمها إلى القيمين على المراكز، وهم يسلمونها للنازحين”.
من جهتها، تقول المتطوعة في المطبخ مريم الحبال: “خلال شهر إبريل/ نيسان، خضعنا لدورة طهي مع عبد المنعم، وتعلمنا أساسيات الطهي. وعندما حلت هذه الحرب على أهلنا في الجنوب، ونزح الناس بشكل كبير، أطلق محمد مبادرته التي تعتمد على التبرعات من أصحاب الأيادي البيضاء في المدينة. تطوعتُ وعدد من الأشخاص من أجل تأمين الوجبات لأهلنا النازحين”.

تضيف: “يقدم المتبرعون وأصحاب الأيادي البيضاء مساعدات مالية وعينية كل بحسب ما يرغب، لكنها تؤدي الغرض. وكلما زادت التبرعات، زادت كمية الوجبات لأن الحاجة كبيرة، وأعداد النازحين إلى ارتفاع”.
وعن طريقة التواصل مع النازحين، تقول: “نتواصل مع المراكز التي تضم نازحين، وهم يزودوننا بأعدادهم. كل مدرسة لديها طاقم من المتطوعين، وعملنا ينحصر في الطبخ ثم نقل الوجبات إلى المراكز حيث يتسلمها المتطوعون ويوزعونها على النازحين”.

إلى ذلك، يقول نوفل، من مدينة صيدا، الذي يعمل في مطبخ محمد عبد المنعم: “نعمل اليوم على تأمين وجبات غذائية لأهلنا النازحين من الجنوب، لأن الوضع سيئ للغاية، وحجم التقديمات شحيح. هناك اتكال على المبادرات الفردية التي يطلقها أفراد أو عائلات. وفي ظل الحاجة الكبيرة وشح التقديمات، قررنا التطوع والعمل على تقديم وجبات غذائية مستعينين بالتبرعات. ونعمل بالتكاتف بعضنا مع بعض لأن أهل الجنوب خرجوا من بيوتهم بالملابس التي عليهم. هم بحاجة للكثير من الأمور الضرورية، ومن واجبنا مساعدتهم والوقوف إلى جانبهم. وندعو إلى ارتفاع وتيرة تقديم المساعدات حتى نتمكن من تقديم وجبات أكثر”.

وتقول مسؤولة مطبخ “من ديّاتنا” في صيدا هدى حافظ: “مطبخنا مجتمعي، وانطلقت فكرته من منطقة تعمير عين الحلوة (صيدا)، وبدأنا تقديم خدماتنا للعائلات المتعففة في المخيم. لكن بعد الأحداث الأخيرة التي شهدها مخيم عين الحلوة (اشتباكات)، انتقلنا إلى مكان آخر في منطقة لبعا (إحدى القرى اللبنانية من قرى قضاء جزين في محافظة الجنوب)، حفاظاً على سلامة الأشخاص العاملين في المطبخ، وحصلنا على تمويل خارجي من فرنسا”.

تضيف: “خلال الوضع الراهن، أطلقنا مبادرة من أجل مساعدة أهلنا النازحين، وأطلقنا نداءً لاستقبال مواد عينية، كالأرز، والعدس، واللحمة، والدجاج، ومساعدات مالية، حتى نطهو ونوفر وجبات ساخنة للنازحين. حالياً نقدم ما بين 250 و300 وجب لمدرستين في صيدا، هما ثانوية البنات الأولى ومدرسة المربية إنجيليك صليبا الرسمية المختلطة، بحسب إمكانياتنا، فمطبخنا لا يستطيع تقديم أكثر. وفي حال طلب منا أحد المتبرعين مساعدة مدرسة معينة، نحرص على ذلك”.
وتوضح حافظ قائلة: “نعمل اليوم بأكثر من دوام، ولا مشكلة في ذلك. المهم أن نوفر أكبر عدد من الوجبات. كما أن النساء اللواتي يطهين في المطبخ يعملن بمبادرة فردية. والمطبخ هو للنساء وقد تلقين دورات في الطبخ بدعم من جمعية التنمية والإنسان والبيئة”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى