
العربي الجديد- انتصار الدنان
يستفيد عدد كبير من الطلاب الفلسطينيين في الجامعات الخاصة بلبنان من منح الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID)، ويعتمدون عليها في تغطية نفقات تعليمهم. وبعدما قرر الرئيس الأميركي دونالد ترامب تعليق المساعدات الخارجية للوكالة التي تشمل منح طلاب الجامعة اللبنانية الأميركية والجامعة الأميركية في بيروت، لا يعرف هؤلاء الطلاب مصيرهم التعليمي، ويقول بعضهم إنهم يسيرون نحو المجهول.
وتلقى عدد من هؤلاء الطلاب رسائل إلكترونية أفادت بأن منحة الوكالة الأميركية للتنمية ستتوقف بعد ثلاثة أشهر، في حين لم تصل رسائل إلى آخرين، لكنهم تبلغوا بطرق أخرى أن المنح ستتوقف.
وفيما يُخبر مدير مؤسسة محمود عباس في لبنان، نزيه شما، “العربي الجديد” أن نحو 300 طالب فلسطيني يستفيدون من منح الوكالة الأميركية للتنمية، تقول الطالبة الفلسطينية ملاك التي تقيم في مدينة صيدا (جنوب) وتدرس اختصاص الكيمياء في الجامعة الأميركية ببيروت لـ”العربي الجديد”: “حصلت على منحة من الوكالة الأميركية للتنمية، وأنا حالياً في السنة الثانية من تعليمي، لكنني فوجئت بقرار ترامب وقف المنح. أشعر بصدمة، خصوصاً أن المنحة تغطي كل سنوات التدريس. لا أعرف ماذا سأفعل، ونحن بصراحة عالقون، وأنا شخصياً في منتصف الطريق، فقد حددت تخصصي، ولا أستطيع تأمين منح في هذا الوقت بعدما حصلت على منحتي حين تفوقت في امتحانات الشهادة الرسمية”.
تتابع: “عندما حصلت على علامات الشهادة الرسمية قدمت طلبات عدة لنيل منحة، وحين حصلت على موافقة من الوكالة الأميركية للتنمية رفضت البقية. حالياً أسأل ماذا أفعل بعد القرار الأميركي؟ بت أخشى على مستقبلي، وهو حال طلاب آخرين. تعطى المنح للتلاميذ بعد حصولهم على النتائج، ووضع عائلتي لا يسمح لي بأن أتابع تعليمي في الجامعة الأميركية أو غيرها على نفقتي”.
وتضيف ملاك: “يحصل الطلاب المتفوقون الذين لا تسمح أوضاعهم المادية بالتعلم في جامعات خاصة على منحة الوكالة الأميركية، ولا أعلم ماذا سأفعل إذا توقفت المنحة، علماً أن أختي ستدخل الجامعة بعد سنتين، وأبي لا يملك القدرة المالية على تعليمنا، وأرجح أن أحاول التواصل مع منحة صندوق محمود عباس لمساعدتي في ذلك، لأنه لا يمكن أن أقدم طلباً للحصول على منحة، إذ إنني لست خريجة الشهادة الثانوية لهذا العام”.
بدوره، يقول طالب يدرس الكيمياء، رفض ذكر اسمه تنفيذاً لتحذير أصدرته إدارة الجامعة الأميركية اللبنانية: “صُدمت عندما تلقيت رسالة من الجامعة أبلغتني بتعليق المنحة الجامعية لمدة 90 يوماً من دون أن توضح لي مصيري بعد هذه الفترة، وقد أوضحت الرسالة أنها ستضمن متابعة تعليمي لهذا الفصل، لكنها لا تعرف لاحقاً ماذا سيحصل. شعرت عندما قرأت الرسالة أن مستقبلي يتبخر أمام عيني، وأن أحلامي تتناثر في الهواء على صعيد التخرج وإدخال الفرحة إلى قلوب أهلي، والعمل لاحقاً، فقد تعطّل كل ذلك”.
يضيف: “أشعر بأن دمي سيتجمّد، والصدمة الأكبر أنه لم يكن هناك أي علامات لوقف المنحة. شعرت أنني معلق في الهواء، لا أعرف النزول ولا الوصول، وكل ما أعرفه أن مستقبلي انهار، ولا أعلم إذا كنت سأستطيع إيجاد بديل في حال توقفت المنحة فعلاً”.
وتقول ربى، التي رفضت ذكر اسمها الثاني تنفيذاً لمطالبة الجامعة الطلاب بعدم التحدث عن الموضوع عبر وسائل الإعلام أو منصات التواصل الاجتماعي، لـ”العربي الجديد”: “أدرس هندسة آلات طبية في الجامعة اللبنانية الأميركية، عندما قرأت الرسالة التي تلقيتها من الجامعة، والتي أبلغتني أن المنحة ستتوقف بعد 90 يوماً، دارت الدنيا بي، وبكيت بشدة، فأهلي لا يستطيعون التكفل بتعليمي، وأنا في السنة الثالثة، وبقيت لي سنتان كي أتخرج وأنخرط في سوق العمل حتى أستطيع مساعدة أهلي الذي يعلقون آمالاً كبيرة علي”.
تتابع: “هذه المنحة ليست عادية بالنسبة لي، بل هي كل أحلامي، ويتعلق بها مستقبلي. إذا توقفت المنحة سيتدمر مستقبلي، ليس لدي مال، وليس لدي منحة ثانية، والجامعة اللبنانية خيار لا أفكر فيه لأنه يعني رفضي من البداية، فأنا فلسطينية ويصعب قبولي، وحتى إذا جرى تفضيلي على من لهم محسوبيات، فالتخصص في المهن العلمية في الجامعة اللبنانية له ناسه”.
تدرس أحلام تصميم الأزياء في الجامعة الأميركية، وتقول لـ”العربي الجديد”: “المنحة لا تتحمل فقط الأعباء المالية للتعليم الجامعي، بل أيضاً توفر مستلزمات المسكن والمأكل وغيرهما. لم أتلقّ رسالة حول وقف المنحة عبر البريد الإلكتروني، لكنني عرفت بأن ترامب قرر توقيفها”. تضيف: “الجامعة لا تملك أجوبة عن تساؤلات الطلاب الذين يقول بعضهم إنها قد تعمل لتأمين منحة بديلة، ولا أعلم إذا كان هذا الكلام صحيحاً، لكنني أتمنى ألا أقع في المحظور لأن توقف المنحة سيجعلني أوقف تعليمي، فوالدي لا يستطيع حتى توفير نفقات إيجار الطريق إلى الجامعة، وأتمنى أن تجد لنا الجامعة حلاً حتى لا يضيع مستقبلنا، وتهدر أحلامنا ونجلس في البيت، هذا أقله بالنسبة لي لأنني أعرف الإمكانات المادية لأهلي”.
أما هادي الذي يدرس إدارة الأعمال في الجامعة الأميركية ببيروت، فيقول لـ”العربي الجديد”: “لا أستطيع تصديق خبر وقف المنحة حتى اللحظة. يوم حصلت على الموافقة على المنحة شعرت بأن الدنيا لم تسعني، فالدراسة في الجامعة الأميركية كانت حلماً بالنسبة لي، ولأهلي كذلك، خاصة أنها تتكفل بكل الأقساط والمصاريف. لم أفقد الأمل حتى اللحظة، وأتمنى إيجاد حل لمشكلتنا، فإذا فقدت هذه المنحة سأخسر مستقبلي، وعندها سأبحث عن عمل كي أساعد أهلي في تخفيف الأعباء المالية، خصوصاً أن أخوتي لا يزالون يتعلمون في المدارس”.