كعك العيد أقل حضورًا في مخيم عين الحلوة
العربي الجديد- انتصار الدنان
أثرت الحرب في غزة وجنوب لبنان على استقبال المخيمات الفلسطينية لعيد الأضحى منها مخيم عين الحلوة. فلا بهجة للعيد هذا العام، على أمل أت تتغير الأحوال قريباً.
اعتادت النساء الفلسطينيات قبل أيام من حلول عيد الأضحى، إعداد كعك العيد. وبعد لجوء الفلسطينيين إلى لبنان وتشتتهم في مناطق متفرقة وسكنهم في مخيمات منها مخيم عين الحلوة في مدينة صيدا (جنوب لبنان)، عملت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا” على توفير المواد للاجئين، من طحين وسمن وزيت وحليب وغيرها. وتقول حسنة شحادة، المتحدرة من قرية عرب الزبيد في قضاء صفد، إنها كانت تعتمد على هذه المساعدات لإعداد الكعك. تضيف: “كانت النساء في فلسطين يعددن حلوى المقروطة الفلسطينية المعروفة (تتكون المقروطة من الطحين والسمن واليانسون والسمسم وتُحشى بعجوة التمر المخلوط مع اليانسون والقرفة والسمسم والمعجون بزيت الزيتون)، وقد تعلمتها من والدتي وعلمتها لابنتي”.
مع بداية اللجوء والسكن في المخيمات، حافظت معظم النساء على إعداد حلوى المقروطة وكعك العيد. في كل يوم، كن يجتمعن بعضهن مع بعض في بيوت إحدى النساء لإعداد الكعك. وتوضح شحادة: “كنا عندما نسير في شوارع المخيم، نشم نحن الأطفال رائحة الكعك تفوح من البيوت، لكن الأحوال تغيرت اليوم ويحول الوضع الاقتصادي دون إعداد الكعك والحلويات في البيوت، وصارت العائلات تكتفي بشراء القليل منه على عكس الماضي. وكانت كمية الكعك تكفي العائلة لأربعة أو ستة أشهر، ويتشارك الجيران الكعك بعضهم مع بعض”.
تتابع شحادة أن “ما يحصل في غزة من إبادة جماعية ضد أهلنا في فلسطين حال دون فرح الناس بالعيد. عزف كثيرون عن شراء الحلوى أو إعدادها تضامناً مع أهل غزة. وبسبب الأوضاع الاقتصادية التي نعيشها، فكرت في فتح مطبخ لإعداد حلوى المقروطة وكعك العيد. ومع الوقت، تطور عملي وصرت أعد المناسف والمعجنات بحسب الطلب، بالإضافة إلى إعداد الكعك”.
وقبل افتتاح المطبخ، كانت تعد الطعام في البيت، لكن في ظل كثرة الطلبات، “لم يعد عملي يلبي احتياجات العمل، فاستأجرت محلاً صغيراً. لم يعد غالبية الناس يعدون الكعك في البيت بسبب الأوضاع الاقتصادية التي تتدهور متسارعة. وفي الوقت نفسه، لا يشعرون بقدوم العيد من دون كعك كونه عادة قديمة ومتوارثة. لذلك، لا غنى عنه كونه من الأساسيات، ويقدم ضيافة للمهنئين في العيد”، بحسب شحادة.
وتقول شحادة: “كان الناس في السابق يعدون الكعك بكميات كبيرة، لكن الأوضاع الاقتصادية الصعبة غيرت كل شيء، بالإضافة إلى العدوان الإسرائيلي المستمر في قطاع غزة. يعجز الأهالي عن النأي بأنفسهم عما يحصل في القطاع، بل إنهم يشعرون بغصة كبيرة، إلا أنهم مضطرون إلى شراء الكعك من أجل الأطفال. فالعيد للأطفال عبارة عن كعك وملابس جديدة”. تتابع: “في السابق، كانت النساء يعددن الكعك قبل العيد بخمسة عشر يوماً، وغالباً ما تتعاون الجارات في ذلك. ولا تنسى النساء توزيع الكعك على العائلات غير القادرة على شرائه أو اقتنائه”.
في السابق، لم تكن النساء توصي أحداً بإعداد الكعك، وكن يحرصن على إعداده بأنفسهن. لكن اليوم، تبدلت الأحوال، وبدأت عادة إعداد الكعك في البيوت تتلاشى، وصارت النساء يوصين من لديه فرنٌ أو الأشخاص الذين يعدون الحلويات إعدادها بهدف توفير الجهد والمواد والوقت. صرن يشترين حلوى العيد بحسب حاجاتهن. يشار إلى أن النساء كن يعددن الكعك في “اللجن”، وهو وعاء كبير توضع فيه مواد الكعك لخلطها وعجنها. وكانت المواد الأساسية لإعداد الكعك متوفرة في البيوت، خصوصاً أنها مقدمة من “أونروا” في إطار المساعدات التي تحصل عليها العائلات. أما اليوم، فقد بات على من يريد إعداد الكعك شراء هذه المواد كونها مكلفة جداً. وليس في استطاعة الجميع تأمينها. لذلك، صارت النساء يفضلن شراء كميات قليلة.
يأتي عيد الأضحى هذا العام حاملاً معه غصة. لا يشعر الناس بالسعادة بسبب ما يشهده قطاع غزة وأهله، تقول شحادة. تضيف: “خلال السنوات السابقة، كنا نمشي في شوارع المخيم ونشعر بالعيد ونشم رائحة الكعك، ونرى البهجة والزينة في الشوارع، ونرى ضحكات الأطفال على وجوههم. أما اليوم، فقد غابت هذه المظاهر جراء الحزن الشديد على غزة. يضاف إلى ما سبق سوء الأوضاع الاقتصادية في ظل الأزمة المالية التي شهدها لبنان والتي لا تزال تداعياتها مستمرة، كما أن الحرب في جنوب لبنان لها تأثيرها على الناس. لذلك، الفرحُ بالعيد منقوص، ولا يمكننا أن نبتسم مجدداً إلا بعد توقف الحرب في غزة”.