أبرزمقالات

في الذكرى الـ 77 للنكبة: القضية الفلسطينية في مواجهة التحديات

انتصار الدّنّان- بوابة الهدف الإخبارية

نشر في مجلة الهدف العدد (71) (1545)

مقدمة

في الخامس عشر من أيار/مايو من كل عام، يتأجج الجرح الذي لم يندمل أبدًا، جرح النكبة التي أدت عام 1948 إلى تهجير أصحاب الأرض بعد التنكيل بهم، وسرقة أراضيهم، وفي هذا التاريخ يحيي الفلسطينيون ومعهم أحرار العالم هذه الذّكرى، التي شهدت في عام 1948 تهجير ما يزيد عن 750 ألف فلسطيني من أراضيهم وقراهم، وتدمير مئات البلدات، على يد العصابات الصهيونية، لتُقام على أنقاضهم دولة الاحتلال الإسرائيلي.

هذا العام تحل الذكرى السابعة والسبعون في ظل أوضاع مأساوية متفاقمة، خاصّة في ظلّ ما يحدث من حرب إبادة بحق الشعب الفلسطيني في غزة، حرب مختلفة بكل المعايير، من تقتيل وتجويع وتهجير، ومحو عائلات من السجل المدني بأكمله، حرب تقضي على كل بارقة أمل كانت تعيش في غزة، هذه الأوضاع تجعل من القضية الفلسطينية أكثر القضايا إلحاحًا على الضمير الإنساني، الذي مازال مهادنًا للعدو برغم كل ما يرى ويسمع من ممارسات هذا العدو الذي تسلحه أقوى الدول بالأسلحة المتطورة الفتاكة.

النكبة.. جرح لم يندمل

النكبة ليست حدثًا تاريخيًا عابرًا، بل جرحٌ مفتوح ما زال ينزف حتى اليوم. فالفلسطينيون الذين طُردوا قسرًا من أراضيهم لم يُسمح لهم بالعودة، رغم قرارات الأمم المتحدة، وعلى رأسها القرار 194، الذي ينص على حق العودة والتعويض. ويعيش ملايين اللاجئين الفلسطينيين اليوم في الشتات، موزعين بين مخيمات اللجوء في الدول المجاورة والمهجر، يعانون أوضاعًا إنسانية صعبة، وظروفًا سياسية واقتصادية معقدة، وتهميشًا لحقوقهم المدنية والاجتماعية، وذلك بحسب كل دولة يعيشون فيها.

القضية الفلسطينية اليوم ترزح تحت تحديات متصاعدة:

في العام السابع والسبعين للنكبة، تواجه القضية الفلسطينية تحديات غير مسبوقة، من أبرزها:

1- العدوان المتواصل على غزة: الحرب الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة منذ تشرين الأوّل/ أكتوبر 2023، الّتي خلّفت آلاف الشهداء والجرحى، ودمرت البنية التحتية، وقضت على سبل الحياة كافة، في مشهدٍ أعاد إلى الأذهان النكبة بكل تفاصيلها.

2- توسع الاستيطان وتهويد القدس : تتسارع اليوم وتيرة الاستيطان في الضفة الغربية والقدس الشرقية، ويعمل العدو بشكل كثيف على محاولة تهجير سكان الشيخ جراح وسلوان، والاعتداء على مخيمات الضفة الغربية، وتدمير البنية التحتية، ومنع إصلاحها، ما يهدد الوجود الفلسطيني، والهوية الفلسطينية في المدينة المقدسة ويقوض حل الدولتين.

3- الانقسام الفلسطيني الداخلي: الانقسام السياسي الحاصل بين الفصائل الفلسطينية، يُضعف الموقف الفلسطيني الموحد في مواجهة الاحتلال الصهيوني، ويعطل جهود المصالحة وإعادة بناء المؤسسات الوطنية.

4- تطبيع بعض الدول العربية: إنّ اتفاقيات التطبيع التي وقعتها بعض الدول العربية مع العدو الصهيوني، دون تحقيق أي تقدم في الحقوق الفلسطينية، شكّلت ضربة جديدة لطموحات الشعب الفلسطيني، وأضعفت التضامن العربي معه، خاصّة في ما يحصل بغزة من إبادة جماعيّة، وتهويد مناطق الضّفة وزيادة عدد المستوطنات.

5- الموقف الدولي المزدوج: رغم تعاطف شعوب العالم المتزايد مع القضية الفلسطينية، ما زالت القوى الكبرى، خاصة الولايات المتحدة، تدعم العدو عسكريًا وسياسيًا، مع تقاعس الأمم المتحدة أو عجزها أمام هذه الدّول العظمى عن اتخاذ خطوات رادعة لوقف الجرائم بحق المدنيين.

ما هي التّحدّيات الّتي يواجهها الشّعب الفلسطيني… ما العمل؟

في ظل هذه التحديات، تبقى الإرادة الشعبية الفلسطينية صامدة أمام آلة القتل الصهيونية، كما يُظهره صمود أهالي غزة والضفة، والاحتجاجات المتواصلة في الشتات. ولكي تبقى القضية الفلسطينية حية في الضمير العالمي، هناك حاجة ماسة إلى:

• استعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية.

• تعزيز المقاومة الشعبية والدبلوماسية.

• دعم الجهود الدولية لمحاسبة الاحتلال على جرائمه.

• الحفاظ على الرواية الفلسطينية وتوثيق جرائم النكبة وما بعدها.

• بناء جبهة عربية ودولية داعمة للحقوق الفلسطينية، على أسس العدالة وحق تقرير المصير.

مع مرور إضافي وتعداد لسنوات النكبة، وفي الذكرى السابعة والسبعين للنكبة، تعود الأسئلة المؤرقة لتطرح نفسها من جديد: هل العالم مستعد لإنهاء هذا الظلم التاريخي؟ وهل سيبقى الشعب الفلسطيني وحده في مواجهة آلة الاحتلال؟ هل ستشهد القضية الفلسطينية تحولًا جديدًا في الصراع مع هذا العدو بعد ما يقوم به في الضفة والقطاع، وبعد تضامن عدد كبير من الدول الأوروبية وغيرها مع ما يواجهه الشعب الفلسطيني من حرب إبادة وتهجير وتجويع؟

رغم الألم والمآسي، تبقى النكبة شاهدًا حيًا على الظلم الذي لم يتوقف، وتبقى القضية الفلسطينية، برمزيتها وعدالتها، منارة لكل من ينشد الحرية والكرامة في هذا العالم، وبرغم الوجع ستبقى هذه القضيّة حاضرة حتى تحرير فلسطين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى