الأسير المقدسي أحمد مناصرة حراً… اعتقل طفلاً وخرج شاباً

العربي الجديد
بعد أكثر من تسع سنوات من المعاناة، أفرجت قوات الاحتلال الإسرائيلي بعد ظهر اليوم الخميس، عن الأسير المقدسي أحمد مناصرة البالغ من العمر ثلاثة وعشرين عامًا، لكن فرحة الإفراج لم تكتمل بالصخب الإعلامي المعتاد، بطلب من عائلته بسبب وضعه الصعب نتيجة ظروف اعتقاله منذ أن كان طفلًا.
وطالبت عائلة مناصرة من وسائل الإعلام، وبشكل ملحّ، ينبع من قلب مثقل بالألم والقلق، بأن يبتعد الصحافيون وكاميراتهم عنه، احترامًا لظروفه القاسية التي عاشها منذ طفولته، وعبر سنوات اعتقاله الطويلة التي تجاوزت تسعة أعوام، تاركة ندوبًا عميقة تستوجب الخصوصية والرعاية بعيدًا من الأضواء.
من جهته، قال الصحافي عبد الله إبراهيم من الداخل الفلسطيني المحتل عام 1948، في تصريح صحافي، إن “الأسير أحمد مناصرة أفرج عنه اليوم بعد نحو تسع سنوات ونصف من الاعتقال، وذلك من خلف أسوار سجن نفحة”. وأوضح إبراهيم أن عائلة مناصرة كانت بانتظار أحمد أمام بوابة السجن، برفقة عدد من الصحافيين والمحامين، إلا أنهم فوجئوا باتصال هاتفي من أحد الفلسطينيين البدو في المنطقة، أبلغهم خلاله أن “ابنكم معنا، تعالوا وتسلّموه”. وأكد إبراهيم أن أحمد مناصرة كان في حالة نفسية وصحية صعبة عند الإفراج عنه، مشيراً إلى أنه تم منع العائلة وأحمد من الحديث إلى الصحافة، كما أن العائلة توجهت إلى تسلّم ابنها، ثم توجهوا إلى مدينة القدس.
واعتقل أحمد مناصرة في عام 2015، مع بداية “الهبّة الشعبية” حينما تصاعدت عمليات الاعتقال بحقّ الأطفال تحديدًا في القدس، ورافق ذلك عمليات تنكيل وتعذيب ممنهجة، وكان أحمد جزءًا من مئات الأطفال في القدس الذين يواجهون المصير ذاته، وفق ما أكده نادي الأسير الفلسطيني في بيان له اليوم الخميس.
وبحسب النادي، فإن أحمد مناصرة قبل اعتقاله عام 2015 كان طالبًا في مدرسة الجيل الجديد في القدس، في الصف الثامن، وكان يبلغ من العمر في حينه 13 عامًا. وفي تاريخ 12 أكتوبر/تشرين الأول 2015، تعرض أحمد وابن عمه حسن الذي استشهد في ذلك اليوم بعد إطلاق النار عليه وعلى أحمد، لعملية تنكيل وحشية من قبل المستوطنين، وفي حينه نشرت فيديوهات تضمنت مشاهد قاسية له وهو ملقًى على الأرض، وكان يصرخ جراء إصابته، بينما يحاول جنود الاحتلال تثبيته على الأرض والتنكيل به، وتحولت قضيته إلى قضية عالمية. وشكّل هذا اليوم نقطة تحول في حياة أحمد، بعد اعتقاله وتعرضه لتحقيق وتعذيب جسديّ ونفسيّ حتّى خلال تلقيه العلاج في المستشفى، ونتيجة ذلك أصيب بكسر في الجمجمة، وأعراض صحية خطيرة.
لاحقًا، أصدرت محكمة الاحتلال بعد عدة جلسات حُكمًا بالسّجن الفعلي بحقّ أحمد لمدة 12 عامًا وتعويض بقيمة 180 ألف شيكل، وهي العملة الإسرائيلية (نحو 50 ألف دولار)، وجرى تخفيض الحكم لمدة تسع سنوات ونصف عام 2017. وقبل نقله إلى السجون احتجزته سلطات الاحتلال لمدة عامين في مؤسسة خاصّة بالأحداث في ظروف صعبة وقاسية، ولاحقًا نقل إلى السجن بعد أن تجاوز الـ14 عامًا.
وعقدت للأسير أحمد مناصرة خلال سنوات اعتقاله عدة جلسات محاكمة، وكانت أبرز الجلسات تلك المتعلقة بتصنيف ملفه أنّه “ملف إرهاب”، الأمر الذي عرقل سبل الإفراج المبكر عنه، بالإضافة إلى أن إدارة السجون قامت بعزله إنفراديًّا لعدة سنوات، وذلك رغم وضعه الصحيّ والنفسيّ الخطير.
وولد الأسير أحمد مناصرة بتاريخ 22 يناير/كانون الثاني 2002، في القدس وهو واحد من بين عائلة تتكون من عشرة أفراد، وله شقيقان، وهو أكبر الذكور في عائلته، بالإضافة إلى خمس شقيقات. وأكد نادي الأسير أن قصة مناصرة لم تبدأ منذ لحظة الاعتقال فقط، فهو كالمئات من أطفال القدس الذين يواجهون جرائم الاحتلال اليوميّة، بما فيها عمليات اعتقال كثيفة ومتكررة، حيث تشهد القدس أعلى نسبة في عمليات الاعتقال بين صفوف الأطفال والقاصرين.