آراءأبرز

لمناسبة مرور 40 يومًا على ارتقاء شهيد الأمة وفارسها سماحة السيد حسن نصر الله

 

رأي اليوم- د. ماهر الطّاهر

في يوم حزين، في السابع والعشرين من أيلول 2024 نقلت وسائل الإعلام خبرًا هز العالم كله، وفي اليوم التالي الثامن والعشرين من أيلول أعلن حزب الله في بيان رسمي نبأ استشهاد الفارس اللبناني والعربي والإسلامي والأممي الكبير، سيد شهداء طريق القدس سماحة المجاهد حسن نصر الله رضوان الله عليه.

 كان الخبر صاعقًا ومفاجئًا لكل الشرفاء من أبناء الأمة العربية والإسلامية وأحرار العالم لأننا فقدنا رجلا استثنائياً وقائداً تاريخياً فذاً، كان من أخلص الرجال وأصدق الرجال وأشجع الرجال، آمن بعمق لا حدود له بمناصرة الحق والوقوف ضد الظلم مهما كانت النتائج والعواقب والأثمان حتى لو استشهدنا جميعاً فكان بحق رجل المبادئ والقيم السامية، وكان بحق مدرسة فكرية وسياسية وتنظيمية وكفاحية، وقبل ذلك كله، مدرسة أخلاقية قل نظيرها في هذا الزمن الرديء .

الدمعة في عيوننا والغصة في حلوقنا ونحن نودع الأيقونة التي ستبقى خالدة في ذاكرة الأجيال جيلاً بعد جيل.

 شهيد لبنان، الذي رفع وترجم شعار مساندة فلسطين وكل بقعة من ترابها وكل مخيم من مخيماتها وكل شارع من شوارعها، ولذلك ستبقى دماؤه الطاهرة الزكية أمانة في أعناق كل مقاوم فلسطيني، وكل مقاوم لبناني وعربي، وكل مقاوم مسلم حتى يتم تحقيق كامل الأهداف والمبادئ العظيمة التي ناضل وجاهد واستشهد في سبيلها.

 كان لنا شرف اللقاء مع سماحة السيد حسن نصر الله مرات كثيره ومنذ اللقاء الأول قبل 24 عاماً تشعر أنك أمام إنسان يتمتع بشخصية آسرة يدخل القلب منذ اللحظة الأولى، يتمتع بأعلى درجات الصدق والأخلاق والتواضع والبساطة والإيمان والشجاعة وتشعر بالفخر والاعتزاز بجلوسك مع هذا القائد الاستثنائي الكبير.

 قال لنا في أحد اللقاءات :”إنه يحترم بعمق ويقدر عاليًا الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ودورها وحضورها في الساحة الفلسطينية والعربية”، وأضاف، إن جبهتكم تميزت بالتمسك بالمبادئ والثوابت الوطنية والقومية لم تساوم ولم تهادن، وهي قيمة كفاحية كبيرة قدمت أمينها العام أبو علي مصطفى شهيداً على أرض فلسطين، وقدمت أمينها العام المناضل أحمد سعدات أسيرًا أمضى ثلثي عمره في السجون الصهيونية، ولذلك فإننا في حزب الله نحمل لكم أعمق مشاعر التقدير والاحترام”.

 وأتذكر وقد نقلت ذلك لسماحة السيد بأن الدكتور جورج حبش رحمه الله اتصل معنا تليفونيًا من عمان وكان قد تنحى من موقعه كأمين عام للجبهة الشعبية، وكان في غاية السعادة بعد انتصار حرب تموز عام 2006 قائلًا : “أرجو أن تنقل تحياتي القلبية لسماحة السيد حسن نصر الله وتقول له إن جورج حبش كان طوال عمره يتمنى الشهادة، لكنني أحمد الله الذي أطال بعمري لأشاهد صواريخ حزب الله وهي تقصف حيفا وما بعد حيفا، و لأشاهد هذا الصمود وهذا الانتصار العظيم لحزب الله الذي رفع رأس الأمة العربية والإسلامية عاليًا عاليًا،  وسأغادر هذه الحياة وكلي ثقة بأن النصر قادم، وأن تحرير فلسطين كل فلسطين آت لا محالة وأن لا مستقبل لهذا المشروع الصهيوني في أرضنا وبلادنا”.

لا شك أن معركة تحرير جنوب لبنان بلا قيد ولا شرط هذه المعركة التاريخية وما تلاها من صمود وانتصار عام 2006 قد مهدت الطريق لملحمة طوفان الأقصى التي سيكون لها أعمق النتائج والآثار على جميع المستويات الفلسطينية والعربية والإقليمية والدولية. ولذلك فإن المقاومة اللبنانية الباسلة بقيادة حزب الله وعلى رأسها سماحة القائد الرمز السيد حسن نصر الله أصبحت هدفاً مباشراً لكل قوى الشر والعدوان وفي المقدمة الولايات المتحدة الأمريكية التي لعبت دوراً رئيسياً في عملية الاغتيال الغادرة والجبانة من خلال تزويد الكيان الصهيوني بالمعلومات الاستخبارية وبالقنابل النوعية المحرمة دولياً للوصول إلى سيد المقاومة.

 لقد توهم قادة الكيان الصهيوني، أنهم باغتيال سيد المقاومة وعدد من قادة وكوادر حزب الله بأنهم سيغتالون المقاومة، وأعلنوا بأنه سيتم القضاء على حزب الله  وأنهم تمكنوا من القضاء على القسم الأكبر من أسلحته ومواقعه وقدراته، ولكن تبين وبشكل سريع بأن هذه مجرد أوهام وأحلام ، فقد تمكن الحزب من امتصاص ضربات العدو الغادرة، رغم الألم العميق الذي حصل والخسارة الفادحة باستشهاد عدد من كوادره الأساسيين وقادته الكبار وعلى رأسهم القائد الأسمى الشهيد حسن نصر الله ، إلا أن الحزب وبسرعة أذهلت العدو والصديق تمكن من استعادة تنظيم صفوفه وتوجيه الضربات الموجعة للعدو الصهيوني والانتقال من مرحلة إسناد قطاع غزة وفلسطين إلى مرحلة إيلام العدو من خلال وصول مسيراته إلى منزل وعقر دار المجرم نتنياهو، ومن خلال توجيه الضربات اليومية لقلب الكيان الصهيوني في حيفا ويافا وعكا والقدس وتل ابيب وكل المدن والمواقع الاستراتيجية في الكيان الصهيوني. كما تمكن الحزب وفي ظل احتدام المواجهة البطولية من انتخاب الأمين العام الجديد للحزب سماحة الشيخ نعيم قاسم الذي أكد في إطلالته بعد انتخابه بأنه سيواصل مسيرة سيد الشهداء حتى النصر الأكيد. كما أكد في خطابه يوم 6/11/2024 بأننا سنرغم العدو على طلب وقف إطلاق النار.

 لقد تحول جنوب لبنان إلى مقبرة للغزاة ولم يتمكن جيش العدو و 75 ألف جندي من قواته وفرقه العسكرية المزودة بأحدث أسلحة القتل والدمار الأمريكية من التقدم الحقيقي في جنوب لبنان فها هم أبناء الشهيد حسن نصر الله والجيل الذي بناه يواجهون العدو بأعلى درجات البطولة ويسطرون ملاحم الصمود على مرآى ومسمع من العالم أجمع.

 في ذكرى مرور 40 يومًا على استشهادك يا قمر الشهداء نعاهدك عهد الرجال للرجال بأننا سنواصل الطريق، وسنتابع المسيرة، مسيرة الكفاح والمقاومة حتى تحقيق كامل الأهداف والمبادئ النبيلة التي ناضلت بكل شموخ وعنفوان من أجل تحقيقها، وقضيت شهيدًا عظيمًا في سبيلها وانتصرت لأنك القائل: نحن لا نهزم، فإذا انتصرنا فهذا نصر، وإذا استشهدنا فهذا نصر.

 لك الخلود، ومنا الوفاء، وستبقى في قلوبنا وعقولنا جيلًا بعد جيل، لأن غيابك لم يكن إلا حضورًا من نوع جديد .

مسؤول العلاقات الدولية في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين

 نائب الأمين العام للمؤتمر القومي العربي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى