*مروان عبد العال
لن نعتاد على وداع الأحبة بعد اليوم، لكن في زمن البطولة، يحق لنا أن نكفكف دمعنا فحسب، وننحني خشوعاً للشهيد ولشجاعة رفيق عرفناه منضبطاً. جبلته طينة المخيمات، عجنت أصالته أمام أعيننا، يجوب عاصمة اللجوء في مخيم عين الحلوة، منحدراً من مسقط الرأس في مخيم اليرموك ، وسيرة دائرية تقول بعد كل مخيم ….مخيم.
فلسطين ثم فلسطين هي الهوية و لاشيء يُذكر يا سليمان !
كما تشربت الوطن في طريق النضال الطويل، من حكاياتها على لسان الجد المكافح الصلب ومن قلب والدك الانسان الطيب الرفيق عبد الكريم “ابو سليمان”… و الرفيق والابن الاكبر للرفيق، الكبير أمام الصغائر و العنيد أمام الصعاب ، لا يتعب ولا يكل ولا يمل، لا يثنيه الإعوجاج عن ممارسة الصحيح ويواصل المسير بشغف جماعي وليس وحيداً…بل مع كل أفراد العائلة ، وتغدو الجبهة بالنسبة له عائلة والنضال شأن شخصي وعائلي وحزبي ووطني، يخطها يومياته داخل أزقة المخيم، وبين الناس البسطاء الذين هو منهم ولهم…
كان يحضرك طفلاً يتعلم أبجدية القضية في مؤسسات ورياض الأطفال و الى معسكرات الشبيبة و يعلمك نشيد الجبهة والقسم ولا هم أن نموت! و يضمك إلى فريقه في أيام التّطوع لمكافحة فايروس الكورونا وفايروسات القهر والعنصرية والظلم الطبقي في قانون العمل.
لتصبح مقاتلاً متدرباً و متحمساً لقتال كل محاولات ايقاف دوران التاريخ وإبادة الحقيقة والحق وعلى طريق العودة الحتميةإلى فلسطين…
لذلك أنت في الأمام، تقاتل في الأمام و على الخط الأول، تزرع عشقك على المسافة صفر ، على تخوم العشق، مخلصاً لملحمة الدم الفلسطيني اللبناني التي تصنع معجزة الشعب العظيم، وحدة المصير و الخندق في وجه الابادة و العدوان والجريمة ، ننصهر معاً في تراب هذه الارض المقدسة، و بصدور مفتوحة وسواعد مشرعة وفكر وضاء…ومشاعر خفاقة، انها لحظة الكينونة التي تطارد لحظة ولادتها فى التاريخ, لتصنع النصر العظيم الذي هو بدون مواربة او رتوش اسمه المعلن: ( فلسطين ) هي الحسب والنسب والاسم واللقب، والنصر هو الغاية النبيلة لنا ، كما علمتنا مدرسة الحكيم في امتلاك الوعي وفي الصراع الوجودي لا ينتصر الناس مهما كانوا محبين لوطنهم، بل ان النصر يصنع بعناية قبل القتال، وهذا يكون بامتلاك وعي الصراع و ارادة المقاومة وفن الحرب.
مهلاً يا رفيق سليمان ، دعنا نزفك عريس المخيم والجنوب وجنوب الجنوب فلسطين ، وجنوبها وشموخها واسطورتنا العملاقة غزة الباسلة.
وكما قال غسان كنفاني “لنزرعهم شهدائنا في رحم هذا التراب المثخن بالنزيف..فدائماً يوجد في الأرض متسعاً لشهيدٍ آخر.”