الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في لبنان تكلل النصب التذكاري للشهداء بإكليل من الزهر في ذكرى استشهاد أبي علي مصطفى
المكتب الإعلامي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في لبنان
بحضور نائب مسؤول الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في لبنان عبد الله الدنان، و قيادتها في لبنان وبيروت، ومخيماتها، وحشد من الرفاق والرفيقات، والكادر، وأنصارها، وسعادة سفير دولة فلسطين في بيروت الأخ أشرف دبور، وفصائل المقاومة، واللجان الشعبية الفلسطينية، والأحزاب والقوى الوطنية اللبنانية والإسلامية، وشخصيات فلسطينية ولبنانية وطنية واعتبارية، ومنظمات شبابية وعمالية ونسوية وطلابية، وحشد من أهالي بيروت والجوار، أحيت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في لبنان الذكرى الـ 23 لاستشهاد الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين القائد العروبي الكبير الرفيق “أبوعلي مصطفى”، بوقفة دعم وإسناد لمعركة طوفان الأقصى، واستنكار للعدوان الصهيوني على فلسطين ولبنان، ووضع إكليل من الورد على النصب التذكاري للشهداء، وذلك في بيروت، دوار شاتيلا، مثوى شهداء الثورة الفلسطينية، يوم الخميس في 29 آب .2024 بعد الترحيب بالحضور، والحديث عن المناسبة التي قدمها نائب مسؤول المكتب الإعلامي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في لبنان فتحي أبو علي، كانت كلمة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، ألقاها عضو قيادتها في لبنان، ومسؤول المكتب الإعلامي للجبهة في لبنان أحمد مراد، استهلها بتوجيه تحية اعتزازٍ وإكبار إلى الشهداء كل الشهداء، لا سيما من نحيي ذكراه اليوم المناضل والقائد الوطني والقومي، والثائر الأممي، أمين عام الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، ورمزها الكبير الشهيد القائد أبو علي مصطفى، والذكرى السنوية لاستشهاد االمناضل ناجي العلي الذي ارتقى جسدًا، وبقي حنظلة يستل ريشته ليرسم للأجيال طريق الثورة والحرية.
وقال:” نستذكر اليوم ذلك الفتى العربي الفلسطيني، ابن قرية عرابة، قضاء جنين عام 1938، الذي تفتح وعيه على النكبة التي ألَمَّتْ بالشعب الفلسطيني، فالتحق وهو ابن 17 عامًا في إطار حركة القوميين العرب، باعتبارها طريقًا للوحدة والتحرر والثأر، وعمل في العديد من المهن والوظائف البسيطة التي جعلته قريبًا من الفقراء والكادحين، واعتُقل لمرتين متتاليتين على يد النظام الأردني، وأمضى في إحداها في سجن الجفر الصحراوي خمسة أعوام، خرج بعدها لمواصلة نضاله وكفاحه، وكان له دورٌ بارزٌ في بناء الخلايا التنظيمية والعسكرية لفرع حركة القوميين العرب، ولاحقًا للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في الضفة الغربية، وقطاع غزة بعد احتلالهما العام 1967، وقاد العمليات الأولى للجبهة، ليتولى لاحقًا مسؤولية الأرض المحتلة، ثم المسؤول العسكري للجبهة إبَّان معارك أيلول عام 1970 في مواجهة النظام الأردني، لينتقل بعدها إلى لبنان وفيها تولى العديد من المهام والمسؤوليات التنظيمية والعسكرية، وكان له دورٌ بارزٌ في تصليب أوضاع الجبهة، وبناها السياسية والتنظيمية والعسكرية والاقتصادية، لينتخب لاحقًا نائبًا للأمين العام للجبهة الرفيق القائد المؤسس (حكيم الثورة) الدكتور جورج حبش، وبعد الخروج من لبنان، وأمام التحديات التي واجهت الثورة والجبهة، ولإيمانه المطلق بأن ساحة الصراع الرئيس مع الاحتلال هي داخل الأرض المحتلة، وفي عام 1999 انتقل إلى الداخل، وفور أن وطأت قدماه أرض الوطن قال جملته المأثورة التي ستبقى خالدة في وجدان رفاقه وأبناء شعبه “عدنا لنقاوم وعلى الثوابت لا نساوم”، وأقرن القول بالفعل، والنظرية بالممارسة، وبدأ بإعادة تنظيم صفوف الجبهة داخل الوطن المحتل، وأولى عناية خاصة للجناح العسكري للجبهة الذي حمل اسم قوات المقاومة الشعبية الفلسطينية ، وبذل جهودًا جبارة، من أجل تصليب الوحدة الوطنية الفلسطينية، فكان بحق قائدًا وحدويًا التفت حوله الجماهير، ورفاق الدرب من باقي الفصائل الفلسطينية المقاومة، ومع انطلاقة انتفاضة الأقصى عام 2000، كان للشهيد القائد أبو علي مصطفى بصماته الواضحة في فعاليات الانتفاضة وبرامجها الثورية، فتقدم الصفوف، وكان مثالاً للقائد الثوري الملتزم بقضايا شعبه، وأمام هذا الدور الكفاحي المتميز، الذي قضَّ مضاجع الاحتلال الصهيوني، ونتيجةً للفعاليات الكفاحية والعمليات النوعية البطولية، التي نفذتها الجبهة في تلك الفترة، والتي هزَّت مرتكزات الأمن الصهيوني، وطالت باستهدافاتها مواقع ومراكز حساسة في عمق الكيان، بالإضافة لما مثَّله أبو علي خلال سنوات نضاله من تهديدٍ للأمن الصهيوني، ما استدعى انعقاد المجلس الأمني الوزاري الصهيوني المصغر، واتخاذ قرار باغتيال أبي علي مصطفى، وفي صباح يوم السابع والعشرين من شهر آب عام 2001، امتدت يد الغدر والإرهاب الصهيوني لتنال من الشهيد أبي علي مصطفى داخل مكتبه، في مدينة البيرة وسط رام الله، ليتحول جسده الطاهر بفعل صاروخٍ أمريكيٍ غادر إلى أشلاء، ولترتقي روحه الطاهرة إلى السماء لتعانق الشمس، وتخط حكاية ثائر رفض الاستسلام، وبقي واقفًا يعاند الريح، فاستشهد وهو على صهوة المجد. لم ينحنِ ولم ينكسر .
لقد أراد العدو الصهيوني، ومن خلال اغتيال الشهيد القائد أبي علي مصطفى، تحقيق جملة من الأهداف، وفي ظنه أنه باغتيال القادة قادر على كسر إرادة الجبهة والشعب، وإثبات قدرة ذراعه الطويلة في الوصول لأي هدف وفي أي مكان، ورغم الخسارة الكبيرة والجرح العميق الذي لحق بالجبهة، والشعب الفلسطيني بخسارة قامةٍ وطنية وقومية كبيرة، كان الوفاء للشهيد يستدعي الرد على التحدي بالتحدي، وكان الرد الأول هي سرعة انتخاب أمين عام للجبهة، وكان اختيار الرفيق القائد أحمد سعدات ردًاً بالغ الوضوح على حكومة الاحتلال، وهو المطلوب رقم واحد لكيان الاحتلال، أما الرد الجماهيري فكان بالاحتضان الجماهيري الواسع والتعاطف الشعبي مع الجبهة. أما الرد الجبهاوي فبدأ منذ اللحظات الأولى لاستشهاد أبي علي مصطفى، بالتخطيط والإعداد للثأر والانتقام ليس فقط لأبي علي، بل الثأر والانتقام لأكثر من 60 عامًا من القهر والظلم، والاستبداد واللجوء الذي عانى منه، ولا يزال الشعب العربي الفلسطيني، وللقول للاحتلال بأن يدنا أيضًا طويلة، وقادرة أن تنال من رؤوس مجرمي الحرب الصهاينة في عقر دارهم، وفي قلب القدس المحتلة، وفي أحد أكثر الأماكن حصانة وحماية في قلب فندق ريجنسي بالاس، وفي ذكرى أربعين الشهيد أبي علي مصطفى، وخلال كلمة الأمين العام للجبهة الرفيق أحمد سعدات صدر الأمر لخلايا الجبهة بالتنفيذ، عندما قال الرفيق أحمد سعدات جملته الشهيرة: “عهداً لك يا قائدنا ومعلمنا أبا علي مصطفى، أن لا يكون شعارنا أقل من الرأس بالرأس، هذا لكم يا رفاق أبو علي، هذا لكم يا كتائب الشهيد أبو علي مصطفى”.
وفي صبيحة السابع عشر من أكتوبر، وفي قلب القدس كان الرد بثلاث رصاصاتٍ أطلقها مسدسُ جبهاوي كاتمُ للصوت على رأس أحد أبرز رموز التطرف والعنصرية، ورئيس حزب موليديت المتطرف، وزير السياحة الصهيوني المجرم رحبعام زئيفي لترسله إلى الجحيم، في رد زلزل أمن الكيان، وشكَّل سابقة في تاريخ الصراع العربي الصهيوني، فتحية مجدٍ وإكبار لصناع ملحمة 17 أكتوبر إلى الرفيق القائد أحمد سعدات، ورفاقه عاهد ابو غلمة، وباسل الأسمر، وحمدي القرعان، ومجدي الريماوي، وإلى القافلة الطويلة داخل سجون ومعتقلات العدو الصهيوني.
وتابع، في هذه اللحظات المصيرية الصعبة، التي يمر بها شعبنا، ونحن نستذكر الشهيد القائد أبا علي مصطفى فيما حرب الإبادة الجماعية التي يشنها الاحتلال والعدوان الصهيو- أمريكي على شعبنا ما زالت متواصلة، وسيل الدم المتدفق من جراح شعبنا على امتداد أرض فلسطين التاريخية، لا سيما في قطاع غزة الباسل، وفي الضفة الأبية والقدس العربية، ورغم كل التضحيات والدماء، ورغم الجوع والحصار والمرض والعطش، يأبى شعبنا إلا أن يواصل رفع راية الكفاح والمقاومة، عصيًا على الانكسار والاستسلام، وتستمر مقاومته الباسلة في الصمود والثبات والتصدي للعدوان، وإيقاع أفدح الخسائر في صفوفه، وإسقاط أهداف عدوانه التي تتمثل في جوهرها بتصفية القضية الفلسطينية، وتهجير أهل فلسطين من أرضهم وبيوتهم، وتنفيذ مشروع يهودية الدولة على كامل أرض فلسطين التاريخية، وصولاً إلى تحقيق ما يسمى في عقيدتهم التوراتية أرض إسرائيل الكبرى من الفرات إلى النيل. في غزةَ اليوم، إن شعبنا لا يقاتل فقط من أجل فلسطين وشعب فلسطين، إنما يقاتل ويدافع عن شرف وعزة وكرامة الأمة، ودفاعًا عن سيادة ومقدرات كل شعوب المنطقة التي يتهددها المشروع الصهيو – استعماري الذي يخطط للمنطقة.
وفي هذا السياق، لا يسعنا إلا ان نتوجه بتحية إكبارٍ وإجلال، لجماهير شعبنا الصامد على امتداد أرض فلسطين، لا سيما إلى أبناء شعبنا المحاصرين والمجوعين والصامدين، القابضين على الجمر، المتمسكين بالأمل وحلم العودة، إلى أبناء شعبنا في قطاع غزة الباسل، في بيت حانون ورفح وخان يونس والنصيرات وجباليا وكل حبة رمل من رمال غزة الطاهرة، ونقول لهم لكم تنحني الجبال الراسيات، لصمودكم وعظمتكم في مواجهة العدوان والهمجية الصهيو – أمريكية على مدى أكثر من 11 شهرًا من الصمود والثبات، وأنتم ترفضون رفع راية الاستسلام، وتؤكدون في كل يوم إيمانكم بعدالة قضيتكم وبحتمية الانتصار على هذا العدو المجرم.
وأمام المستجدات والتحديات الخطيرة، يهمنا في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أن نؤكد ما يلي:
1- إن شعبنا لن يلقي السلاح، ولن يستسلم مهما بلغ حجم التضحيات، وإن المقاومة مستمرة ما بقي هذا الكيان قائمًا على أرض فلسطين.
2- لقد أبدت المقاومة كل مرونةٍ ممكنة، بهدف وقف العدوان على شعبنا في قطاع غزة، لكن العدو الصهيوني المدعوم من الإدارة الأمريكية والغرب الاستعماري يواصل التسويف والمماطلة بهدف إطالة أمد الحرب، وقتل أكبر عدد ممكن من أبناء شعبنا.
3- نؤكد تمسك شعبنا ومقاومته بشروطها ومطالبها، التي تتمثل بالوقف الفوري والدائم للعدوان على شعبنا، ورفع الحصار، وإدخال المواد الإغاثية والطبية بشكلٍ عاجل إلى كل أنحاء قطاع غزة دون شروط، وبحق عودة النازحين إلى منازلهم وبيوتهم دون أي قيود، وإعادة إعمار قطاع غزة وبناه التحتية، وإنجاز صفقة تبادل عادلة للأسرى، لا يكون للعدو الصهيوني حق وضع الفيتو على أي اسمٍ من أسماء الأسرى التي تطالب المقاومة بالإفراج عنهم، لتكون الأولوية لأصحاب المحكوميات العالية والمرضى والمسنين.
4- إننا في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وأمام حجم التحديات والمخاطر الوجودية التي تتهدد قضيتنا وشعبنا، فإننا ندعو إلى الشروع فوراً بتنفيذ ما تم الاتفاق عليه في اتفاق بكين للمصالحة الفلسطينية، ووضع برنامج زمني وآلية تنفيذية لتطبيق ما تم الاتفاق عليه، فالوقت من دم والتاريخ لا يرحم.
5- نتوجه بتحية اعتزاز وإكبار إلى قوى محور المقاومة الممتد من الجمهورية الإسلامية في إيران، وصولًا إلى أرض فلسطين وقطاع غزة، مرورًا ببغداد ودمشق وبيروت وصنعاء .
6- التحية والإكبار لشعبنا اللبناني المقاوم الشقيق، لا سيما لأبناء الجنوب والبقاع الغربي، ولأبناء القرى والبلدات والمدن الأمامية في خط المواجهة مع العدو الصهيوني، الذين يقفون بكل قوةٍ وثبات، ورغم حجم المعاناة إلى جانب شعبنا، ودفاعاً عن حرية وسيادة وعروبة لبنان، في وجه الأطماع الصهيونية، وتحية مجدٍ وإكبار إلى الشهداء كل الشهداء، لا سيما شهداء المقاومة الذين ارتقوا على طريق القدس وفلسطين ونعاهدهم بأننا مستمرون في طريق المقاومة حتى تحقيق كامل أهداف شعبنا وأمتنا في التحرر والتقدم.
7- التحية لكل شرفاء وأحرار أمتنا والعالم المتضامنين مع قضية فلسطين، وندعوهم إلى الاستمرار في تحركاتهم وفعالياتهم التضامنية نصرةً لفلسطين وقضيتها العادلة.
ختامًا، نجدد العهد للشهداء كل الشهداء، لا سيما لروح من نحيي ذكراه اليوم الشهيد الخالد أبو علي مصطفى، بأن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين باقية وفية لصدقية الدم والقيد والحلم والحرية. لن نلقي السلاح وسنبقى نرفع راية المقاومة حتى التحرير والعودة.