أبرزحوار وشخصيات

الفكر المقاوم في أدب غسان كنفاني

المكتب الإعلامي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في لبنان

قال المناضل الفلسطيني، ومنسق الملتقى الوطني الفلسطيني، خلال ندوة أقامها الملتقى في صيدا:” أبالغ إذا قلت إن غسان كنفاني من أهم من تركوا أثرًا في الفكر المقاوم، باهتمام واسع، في الأوساط الفلسطينية والعربية والدولية، ففي كتاباته يحرض ضد الظلم، بينما كان يدعو إلى الثورة والتمرد على السيطرة و الاستقلال والاستبعاد، لهذا نجد كثير من يكتبون عن غسان، ويتذكرون في المناسبات ويحيون ذكراه،  فعندما تترجم بعض كتبه إلى 16 لغة، فهذا يعني أن المترجمة لكل لغة في ما كتبه غسان تعبير عن معاناتهم ومحاكاة لواقعهم، لمشاكلهم، وهذه إحدى كتابات كنفاني بأن يأخذ فكرة مقاوم بعدًا يتجاوز القطرية العفوية، والطموحات الفردية، ويرى الشمولية في الأدب المقاوم الذي هو الأدب المعبر عنا، ولذا داعية بهويتها المتطلعة لمواجهة الآخر العدواني على أن يضع الكاتب نصب عينيه بشجاعته وأمته، ومحافظًا على ما تحفظ من قيم عليا، و ليس منطلقًا إلى الحرية بمعنى الخلاص الفردي.”

معًا في أدب غسان، فهو يدافع عن الفقراء والمظلومين في مجتمعاتهم، يعبر بقوة عن حجم المعاناة للذين يخضعون للاستغلال الطبقي، وهو كما يكتب عن أحدهم ” يعلن انحيازه للفقراء والجماهير الثائرة، وبالتالي فهو موجه لها يستكشف أعماقها، وطريقة حياتها و يعبر عنها، لهذا كان أبطال قصصه ورواياته كلهم عن الفقراء، ولأن يعكس موقفًا طبقيا فهو أدب ثوري راق، وخال من الابتذال والسطحية. “

أما المبادرة الكبرى التي ستشكله سابقة، تميز غسان كنفاني ودراسته حول الأدب الفلسطيني المقاوم والمناطق المحتلة 1948، وتناول جانبين كانا مجهولي التعتيم كليهما خارج المناطق المغتصبة:

الأول: ما يتعرض لسكانها من قمع في محاولة احتواء أي تحرك أو نشاط للكيان الغاصب، وذلك يسند قوانينهم الأحكام العرفية، وفرض برامج التعليم الإسرائيلية في المدارس العربية، ومنه المهاجرون من العودة إلى قرارهم ومصادرة الأراضي التي أدت إلى انتفاضة يوم  الأرض في 30 آذار1967.

الثاني: المقاومة الشجاعة التي مارسها أبناء مناطق 48 للحفاظ على هويتهم الفلسطينية، ورفض سياسة الاحتواء، والاندماج، والتصدي لمخططات الكيان الصهيوني، لتفتيت المجتمع الفلسطيني.

تارة النصرات العائلية القبطية وكان السلاح الأساسي بيد المقاومين هو الكلمة التحريضية في المهرجانات و اللقاءات السرية يشنها الوعي السياسي من خلال الأدب الروائي، والفكر الموجه للجماهير المظلومة المضطهدة، وقد أدى الشعر دورًا مميزًا على هذا الصعيد .

يعود الفضل إلى غسان كنفاني قبل أي إنسان غيره في كشف هذه الحقائق، وتصحيح مفهوم خاطئ كان سائدًا في تلك الفقرة يعتبر كل فلسطيني الذين صمدوا و لم يغادروا مناطقهم عام 48 بأنهم إسرائيليون لأنهم يحملون الجنسية الإسرائيلية، ولا يجوز التعامل معهم، من هنا تأتي أهمية الاستخلاص الذي أطلقه غسان كنفاني تحت عنوان ” الأدب الفلسطيني المقاوم تحت الاحتلال “

المجال الأحب الذي لم يخل من حوارات غسان كنفاني تناوله هو ما أسماه ” أدب المنفي” الذي مر بمرحلتين

الأولى : مرحلة ما بعد النكبة التي عاشها بتفاصيلها بدءًا من معاناته الشخصية، إلى ما عاشه من تفاصيل حياة اللاجئين الفلسطينيين في المخيمات من فقر و شقاء وحرمان، وما خلفته النكبة من إحباط ویأس، و خيبات أمل ما ستشجع القوى الحليفة للكيان الصهيوني، خاصة الولايات المتحدة الأمريكية والأنظمة العربية الموالية لها من طرح مشاريع تستهدف مشكلة اللاجئين بالتجنيس كمدخل للاعتراف “بإسرائيل” و الصلح معها.

المرحلة الثانية: ما بعد هزيمة الأنظمة العربية، وانطلاقة الكفاح المسلح، وفي المرحلتين أبدع غسان كنفاني في التحريض على المقاومة المسلحة، الذي عنها، كما أجاد في جميع كتاباته عن الربط والتكامل في العلاقة بين المقاومة الأدبية والمقاومة المسلحة، ويعتبر الثانية هي نمرة الأولى، هذا يقول ” إذا كان التحرير ينبع من البندقية، فإن البندقة ذاتها تنبع من إرادة التحري، وإرادة التحرير ليست سوى الناتج الطبيعي، والمنطقي، و الحتمي للمقاومة في معناها الواسع، المقاومة على صعيد التمسك الصلب بالجذور”، ويضيف أن الشكل الثقافي في المقاومة يطرح أهمية قصوى ليست أبدًا أقل قيمة من المقاومة المسلحة ذاتها”، وبهذا يكون محمود درويش قد أنصف غسان كنفاني عندما يصفه “أحد النادرين”الذين أعطوا الحبر زخم الدم، ونقل الحرف إلى مرتبة الشرف، وأعطاه قيمة الدم.

حرب طوفان الأقصى في غزة العزة، وفي جناحها المقاوم في الضفة الغربية هو استثمار لهذه المسيرة الطويلة لنضال شعبنا الفلسطيني المليئة بالتضحيات، والعطاء، وما يميزنا في هذه الحرب، وباختصار شديد أسقطت كل الرهانات على الحلول السياسية، وأثبتت ألا إمكانية للتعايش مع هذا الكيان.

إن حرب الاستنزاف المستمرة منذ حوالي عشرة أشهر ستنتهي إما بهزيمة القوات الصهيونية، وخروجها القسري من القطاع، وإما بإعلان نهاية نتنياهو وحكومته، وإما بأن تتطور إلى حرب إقليمية ستكون نتيجتها تحرير مزارع شبعا، وتلال كفر شوبا، وربما الجولان أيضًا.

انتهت مقولة يا وحدنا، وصار الفلسطينيون حاضنة شريكة في المعركة، محور المقاومة يجعلنا على أبواب حرب التحرير.

 المجد للشهداء، والشفاء للجرحى، الحرية للأسرى، والنصر حليف شعبنا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى