مقالات

قرارات الجزائية والعدل الدوليتين منقوصة وخجولة ومنحازة رغم أهميتها

المكتب الإعلامي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في لبنان- غسان أبو نجم

أفاق الكيان الصهيوني قبل أيام، على وقع قرار مدعي عام محكمة الجزاء الدولية المطالب بإلقاء القبض على مجرمي الحرب نتنياهو ووزير الإبادة الصهيوني غالانت، لاتهامهم بشن حرب إبادة جماعية في قطاع غزة، عبر حصار أهلها وتجويعهم والقتل العمد لأهل غزة، ومنع دخول المساعدات الإنسانية عبر إغلاق المعابر، وغيرها من التهم التي تجرم الكيان الصهيوني ممثلا برئيس وزراء العدو ووزير حربه، إضافة إلى توجيه تهم الإرهاب، والقتل، والخطف لرئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، ويحيى السنوار، ومحمد الضيف.
بعد مرور أيام على هذا القرار، أصدرت محكمة العدل الدولية، وبطلب من حكومة جنوب أفريقيا قرارًا بوقف الحرب على رفح، وفتح المعابر أمام المساعدات الإنسانية، وفرق تقصي الحقائق التي تعمل على توثيق الإبادة الجماعية التي تشنها حكومة الكيان الصهيوني في قطاع غزة.
رغم أهمية هذين القرارين، من حيث ملاحقة الكيان الصهيوني دوليًا لارتكابه المجازر، ولأول مره منذ اغتصابه أرض فلسطين، وسقوط تابو المحرمات عن ملاحقته، وكشف زيف وكذب ادعاءاته، وسقوطه الأخلاقي والإنساني، وتداعيات هذه القرارات سياسيا وعسكريا واقتصاديا، والأهم سقوط سرديته حول حقه فيما يسمى أرض الميعاد، وخروج الجماهير في كل أنحاء العالم نصرة لفلسطين، وإضرابات الطلبة في معظم جامعات العالم المطالبة بمحاكمة الصهيونية، ووقف التعاون مع جامعاته، ووقف الاستثمارات مع الكيان الصهيوني وشركاته ومؤسساته العسكرية ومراكزه البحثية، إلا أن هذه القرارات جاءت خجولة ومنقوصه ومنحازة، وتمثل هذا الانحياز جليا في قرار مدعي عام محكمة الجزاء الدولية حيث ساوى في قراره بين مجرمي الحرب الصهاينة ومغتصبي الأرض وبين المقاومين الفلسطينين الذين يمتلكون حق مقاومة المحتل ضمن الشرائع الإنسانية كافة، وبذلك ساوى بين المحتل وصاحب الحق حصر قراره بشخصين فقط دون الدعوة لمحاكمة مجلس الحرب، وقادة وضباط، وأفراد الجيش الصهيوني بوصفه منظمة إرهابية جاء القرار متأخرًا ثمانية أشهر على وجوب صدوره.
إن القرار بجلب قادة المقاومة الوطنية الفلسطينية يخالف الأعراف والمواثيق الدولية كافة التي تنص على حق الشعوب في مقاومة المحتل، وإن الكفاح الوطني الفلسطيني جاء ردًا مشروعًا على احتلال الأرض الفلسطينية، وردعًا لكل محاولات الاحتلال وسلوكه النازي، في تدمير بنية الشعب الفلسطيني، ومصادرة أرضه ووطنه،
أما قرار محكمة العدل الدولية، فقد جاء منقوصا حيث طالب القرار بوقف الحرب على رفح ،وليس وقفها في جميع أنحاء فلسطين، حيث يشن الاحتلال حرب إبادة جماعية في كل أنحاء الوطن المحتل، في الضفة الغربية، وقطاع غزة، والداخل المحتل يقتل، ويدمر، ويعتقل، ويمارس حرب إبادة شاملة للشعب الفلسطيني وطنا وقضية، ولا يقتصر على رفح فقط، وكان الأجدر بالمحكمة اتخاذ قرار شامل، وغير منقوص.
إننا ندرك حجم الضغوط التي تمارسها الولايات المتحدة الأمريكية على قضاة المحكمة، وندرك مدى تغلغل الصهيونية العالمية في مؤسسات الأمم المتحدة، وقدرة وتأثير أمريكا الشريك القوي للكيان الصهيوني في هذه الحرب، ولكن عدم اتخاذ هذه الهيئات الدولية المعنية بتحقيق العدالة على الصعيد العالمي، ومحاسبة الخارجين عن قواعد النظام الإنساني يضعها في موقع مسائلة أخلاقية وقانونية تهدد بانهيار المنظومة الأخلاقية والإنسانية العالمية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى