أبرزأخبار الجبهة
بيان سياسي صادر عن المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين
المكتب الإعلامي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في لبنان
عقد المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين اجتماعًا دوريًا، لبحث تطورات العدوان، ومناقشة الأوضاع على الصعد الفلسطينية والعربية والدولية، استهله بتوجيه تحية الشموخ والعزة والبطولة إلى الفدائي الفلسطيني وهو يقول كلمته في الميدان، مشيدًا بالصمود الأسطوري لمختلف فئات شعبنا، في مواجهة المحرقة الصهيونازية التي لم يشهد العالم مثيلًا لها في إجراميتها ووحشيتها.
وقد لحظ المكتب السياسي التَحوّلات النسبية والهامة في الرأي العام الدولي، وتصدر فلسطين واجهة المشهد الدولي، والحراك والمداولات السياسية الدولية التي شَكلّت ضغطًا حقيقيًا على دول العالم خاصة الدول الغربية، ورغم التَحولّات الشكلية في الخطاب الأميركي، فإن الدعم الأميركي لحرب الإبادة كأداة عسكرية لتحقيق الرؤية السياسية الأميركية مازال قائماً وفاعلاً رئيسًا في العدوان، وحذر المكتب السياسي من الأفكار الأميركية التي يحملها وزير خارجيتها ومبعوثيها للمنطقة، ومحاولات ترويجها مستفيدًا من حالة تساوق عربي رسمي معه، وضعف في ردة الفعل الشعبي العربي على حرب الإبادة ومؤامرة تصفية الوجود الفلسطيني.
وحذر المكتب السياسي أيضًا من خطورة مضامين الورقة الأميركية لما يُسمى “اليوم التالي” الهادفة إلى القضاء على المقاومة في قطاع غزة، وفرض تسوية تقوم على أساس التطبيع العربي الشامل مع العدو الصهيوني، بما يتجاوز الحقوق الفلسطينية تحت شعار خارطة طريق أميركية لدولة فلسطينية موهومة، وشطب التمثيل الفلسطيني وإعادة تشكيله وفق المقاييس الأميركية.
واعتبر المكتب السياسي أن الدخول الأميركي على خط الأزمة الإنسانية في قطاع غزة، بالإعلان عن مشروع الميناء البحري العائم والجسر الرابط لشاطئ قطاع غزة مع هذا الميناء هو جزء لا يتجزأ من أدوات المشروع الأميركي، لخلق رأس جسر لمشروع فرض الوصاية الدولية وخلق إدارة تابعة على أرض غزة تعمل تحت الاحتلال وبالتعاون معه، كبوابة لشطب أي تمثيل فلسطيني حقيقي واستبداله بتشكيل مسخ صنع في أميركا.
وأعاد المكتب السياسي تأكيد الجبهة الشعبية موقفها الواضح الرافض بشدة لهذا المشروع وأهمية بناء موقف فصائلي متوافق معه، خاصةً أنه جاء متقاطعًا تماماً مع رؤية المؤسسة العسكرية والأمنية للعدو بشأن السيطرة عسكرياً على قطاع غزة، وتشكيل إدارة متعاونة راهن فيها العدو على اجتذاب بعض البنى العشائرية والشخصيات.
وطالب المكتب السياسي بعض الحكومات العربية بعدم التعاون مع هذا المشروع الذي يحمل أيضًا أجندة لتهجير شعبنا، وكذلك فصله عن عمقه العربي عبر تشكيل بديل عن معبر رفح، تعبيرًا عن حالة الشراكة التي باتت تتورط فيها النُظم العربية مع العدو الصهيوني، الذي يلحق الضرر بالقضية الفلسطينية، وبالمصالح الاستراتيجية لمصر، مع انغماس مقصود لبعض الأنظمة بالتواطؤ والعجز عن مواجهته.
ونبه المكتب السياسي إلى حالة الصراع داخل قيادة الحرب الصهيونية، والأصوات التي ظهرت من عسكريين ومستشارين عسكريين سابقين بأن “إسرائيل” في طريقها إلى هزيمة استراتيجية، نتيجة عدم وجود خطة سياسية للخروج من وحل غزة، وأن الجميع داخل الكيان متفقون على أن عاصفة مدمرة ستعصف بالمشهد داخل الكيان، بعد بدء التحقيق في فشل السابع من أكتوبر الذريع، ونتائج الحرب على قطاع غزة، ومستقبل هذه المعركة على الكيان ووجوده، وهو ما يتطلب إلى تحويله إلى ورقة فلسطينية رابحة في تعميق وتوسيع المواجهة مع هذا الكيان الصهيوني.
وشدد المكتب السياسي على ضرورة تحقيق موقف فلسطيني موحد في مواجهة العدو، ويمنع الاستفراد بأي فصيل أو مكون فلسطيني، ويسمح بخلق جبهة تصدي وطنية في وجه العدو، وهذا يتطلب الاستجابة لمبادرتها المستمرة في سبيل التوافق الوطني وجسر نقاط الخلاف بين القوى الفلسطينية كافة، ومنع استفادة العدو منها، ويفتح الباب أمام مخاطر تمرير فرض وصاية أمنية عربية على قطاع غزة.
وطالب المكتب السياسي، وأمام هذه المخاطر بالخروج من وهم الرهانات الخاطئة وسياسات التفرد التي لا معنى لها، وتخلق المناخات السلبية والمناكفات السياسية الضيقة، وحرف الصراع عن بوصلته الرئيسة مع العدو الصهيوني، مما يلح وطنيًا وموضوعياً لصياغة الرؤية السياسة الموحدة التي تحملها تشكيل قيادة طوارئ وطنية مؤقتة، بما يرتقي لمستوى الأهوال التي يواجهها شعبنا الصامد في مواجهة المذابح اليومية والتجويع، والاستيطان والتهويد والاعتداءات على امتداد الأرض الفلسطينية، وما يتطلبه ذلك عودة القيادة الفلسطينية إلى جادة الصواب بالتحلل من اتفاق أوسلو والتزاماته الأمنية والسياسية ووقف كل أشكال التنسيق الأمني مع الكيان الصهيوني، وكل أشكال الملاحقة والاعتقال السياسي.
وأكد المكتب السياسي أن هناك إجماعًا فلسطينيًا على أولوية وقف العدوان، وإبرام صفقة تبادل وعودة النازحين إلى بيوتهم ومناطقهم التي هُجروا منها، مشدداً على أن منظومة الحكم الإرهابي الصهيوني عملت على إعاقة الوصول لوقف العدوان ومسلسل الذبح الممنهج، وتأجيل الصفقة أكثر من مرة بمطالب جديدة، لأن رهانه ومسعاه استخلاص أسراه من يد المقاومة، ومن ثم مواصلة العدوان لأجلٍ غير مسمى، واستثمار سلاح التجويع بهذا الاتجاه، أملاً في أن يأخذ بالمفاوضات ما لم يستطع تحقيقه على مستوى المواجهة العسكرية.
وثمن المكتب السياسي دور المقاومة الصامدة بكل فصائلها في غزة، بأفرادها وقادتها وأدوات قتالها، وباعتبارها التعبير المخلص عن مشروعنا الوطني التحرري الفلسطيني وإرادة هذا الشعب في الاشتباك التاريخي مع العدو، مشيداً بامتداد المقاومة وتفعيل قواها كافة في الضفة المحتلة، وإمكانية اتساعها في بعدها المسلح أو الجماهيري، بما يستنزف العدو ويشتت قواته، ويربك خططه وتحركاته ومشاريعه الاستعمارية والاستيطانية والعنصرية.
وأعرب المكتب السياسي عن تقديره واعتزازه بالصمود الأسطوري للأسيرات والأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال، وفي مقدمهم الرفيق القائد الأمين العام أحمد سعدات، الذين يواجهون بإرادةٍ فولاذية لا تنكسر حملة صهيونية مسعورة تصاعدت بعد السابع من أكتوبر، مجددًا تأكيد مسؤولية المؤسسات الدولية، وفي القلب منها الصليب الأحمر في الكشف عن مصير عدد كبير من الأسرى جرى اختطافهم من قطاع غزة.
وفي ختام بيانه، أكد المكتب السياسي الثقة بالنصر، وعدم الخشية على استمرار المقاومة، وصلابة مقاتليها وصمودها بالمعنى الشامل والقادر في نهاية المطاف على استنزاف العدو والاثخان فيه وإجباره على الانسحاب، وأيٍ كان المدى الزمني لخطط العدو لإبقاء قوات احتلال في غزة، فلن تتوقف الضربات عن هذه القوات إطلاقاً، تزامناً مع استمرار الثقل الناري اليومي لضربات حزب الله التي ستكون ضرباتها وردود فعلها أقسى وأشد وطأة، وفي ظل استمرار اليمن العزيز وجيشه والمقاومة العراقية في استهداف العدو وحلفائه، وما ينتظر ذلك من انخراط أوسع وبمهماتٍ كبيرة لاستنزاف العدو الصهيو-أميركي، ومنطلقاً مستقبلياً لتوسيع نطاق المعركة في حال توسعها وتطورها.
ووجه المكتب السياسي في ختام أعماله التقدير العالي للموقف الروسي والصيني والجزائري في إسقاط مشروع القرار الأميركي المقدم لمجلس الأمن الذي يقوم بالخداع السياسي لتشريع العدوان وقوننة الإبادة، ويمنح الحرب فرصة جديدة بدل إيقافها.