مقالات

نهاية المشروع الصهيوني وتنامي المشروع الوطني الفلسطيني الجزء الرابع

المكتب الإعلامي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في لبنان- غسان أبو نجم

إن الاكذوبة الكبرى التي حاولت الحركة الصهيونية العالمية إقناع العالم بها بأن اليهود شعب له جذوره التاريخية قوضتها الدراسات والأبحاث التي خلصت أنهم طائفه لا تمتلك مقومات شعب، أو قومية، أو أمة، وهذا َما أكده العديد من الدراسات للكاتب اليهودي شلومو ساند، ومهدي عامل، والدكتور عبد الوهاب المسيري، التي أكدت أن اليهود لا يمكن أن يشكلوا شعبًا أو قومية، إنما هم خليط غير متجانس من قوميات مختلفة جمعها الدين اليهودي. أما عن نشأة الصهيونية، فإن الصهيونية نشأت في القرن التاسع عشر بين يهود روسيا وبولونيا، وباقي دول أوروبا الشرقية، وإن المسميات بين أشكيناز (وهي الاسم القديم لألمانيا بالعبرية )والسفارديم (الاسم القديم لإسبانيا بالعبرية)،تؤكد حقيقة أن اليهود والصهاينه لاحقًا هم خليط من قوميات مختلفةً، وأن الصهيونية العالمية نسبت نفسها لجبل صهيون، لتحقيق التزاوج بين الدين اليهودي والفكر الصهيوني، وهم في الحقيقة احتلال استعماري إحلالي لا يمت بصلة لليهود الذين غادروا فلسطين قبل ألفي عام.
وعن حقيقة الصهيونية الدينية، فإن الدين اليهودي يربط بين الوجود اليهودي، وتحديدًا جبل صهيون، وعودة المسيح المخلص الذي سيخلص اليهود، ويحقق العدل والرخاء في العالم، وتطورت لاحقًا لتأخذ شكلها السياسي بعد هزيمة ٦٧ التي حققت الانسجام والتفاعل بين الصهيونية العالمية والدينية، وحققت التحالف بين اليمين القومي واليمين الديني الذي أفرز الليكود، ومرت بثلاث  مراحل أدت إلى بروز أقصى اليمين الجديد هي مرحلة أوسلو، والثانية انشقاق اليمين عام ٢٠٠٥ بين يمين براغماتي أمني مثله نتنياهو واليمين الاستيطاني الديني، والمرحلة الثالثة هي مرحلة نجاح أقصى اليمين في الوصول للسلطة عام ٢٠٠٩
أما عن بدايات انطلاق الصهيونية الدينية في العصر الحديث عبر الحاخام يهودا القلعي عام ١٧٨٩-١٨٧٨، الذي دعا إلى عودة اليهود البشرية إلى فلسطين دون انتظار عودة المسيح المخلص، وتعمير الأرض الخراب، وإحياء اللغة العبرية، ثم تلاه الحاخام كلاشير ومهايلفير ومائير بار إيلان، واكثرهم عنصرية باروخ غولدشتاين الذي نفذ مجزرة الحرم الإبراهيمي، الذي اعتبر أن ألف عربي لا يساون ظفر يهودي، وأن هناك وقتًا دائمًا لممارسة الطب، وقتل العرب، وإن التوراة لا تجيز التعايش مع العرب، وأما التأسيس التنظيمي للصهيونية الدينية، فإنها تأسست عام ١٩٠٢، أي بعد ١٥ عامًا من مؤتمر بازل الذي أقر ضرورة وجود وطن قومي لليهود، بدعم من الرأسمالية الغربية، وأنها تأسست في إطار الصهيونية العالمية، وتأسس فرعها في فلسطين عام ١٩١٨، وعن المبادئ السياسية والأيديولوجية لتيار الصهيونية الدينية، فقد تكونت من ٩مبادئ، تمثلت بالاعتراف بالحق التاريخي لليهود في فلسطين، وبناء دولة إسرائيل، وتدريس الدين اليهودي وضرورة خدمة الطلاب اليهود في الجيش، ودعم المؤسسة القضائية الحاخامية، وحرمة يوم السبت، والقدس عاصمة أبدية لإسرائيل، وتأييد الترانسفير، ولاحقًا أضيف ضرورة إلغاء اتفاقات أوسلو ورفض الاعتراف بالسلطة الفلسطينية، ورفض حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني.
أما عن الصهيونية، والدمج القصري الانتهازي بين الديني والقومي، فإن الصهيونية استخدمت الدين والتوراة لتحقيق استعمار فلسطين رغم أن الصهيونية في جوهرها علمانية ملحدة.
لقد اتضح من السرد التاريخي  أن الكيان الصهيونى قام على كذبة كبرى، وأن لا وجود تاريخي لليهود ولا الصهاينه في أرض فلسطين، وأن قيامها في فلسطين مصلحة للدول الرأسمالية الكبرى، بعيدًا عن الدين اليهودي والفكر الصهيونى، وان نابليون اول من بشر بقيام هذا الكيان عام ١٧٩٨، حين دعا اليهود لإقامة دولة لهم في فلسطين، مما يؤشر على زيف الإدعاء بأن فلسطين أرض الميعاد ما ورد في قرار المؤتمر السادس للحركة الصهيونية الذي أقر قيام دولة لليهود في أوغندا أو الأرجنتين وهذا يعد تجاوزًا واضحًا للادعاء الديني اليهودي لفكرة أرض الميعاد، وهذا ما ورد في العديد من كتب المفكرين الصهاينة الذين أقروا ان الدين اليهودي استخدم لإقناع فقراء اليهود للعودة إلى أرض الميعاد، وكان هرتزل يؤكد دائمًا أن الدين لا يهمني، بل يهمني الأسطورة الجبارة للعودة، وأن الدين اليهودي مجرد وسيلة لإقناع فقراء اليهود للعودة لأرض الميعاد، وهذا ما أكده علماء آثار من داخل الكيان الصهيوني، حيث أكد زائيف هرتسوغ عالم الآثار الإسرائيلي أنه بعد سبعين عاما من الحفر والتنقيب في إسرائيل وصلنا إلى طريق مسدود، الأمر كله مختلق لم نجد دليلا واحدًا يؤكد وجودنا التاريخي على هذه الأرض، فنحن لم نهاجر إلى مصر، ولم نرحل إلى هناك إطلاقا، ولم نجد ذكر لاسم داود وسليمان هنا، ولم نجد نجمة داود، ولا الشمعدان المقدس. ويضيف قائلًا:” ان الباحثين والمختصين يعرفون هذا الشيء جيدًا، ولكن العامة لا تعرف إما أننا في المكان الخطأ أو أن كل ما ورد في التوراة عن الملك داود وسليمان هو مجرد خرافات وأساطير، وعن موقف الاحتلال من الضفة الغربية وقطاع غزة بعد أن تحقق احتلال فلسطين ٤٨، وقيام دولة الكيان بقيت أعين الصهاينة على باقي أرض فلسطين، فتم احتلال الضفة والقطاع، وسعى الاحتلال جاهدًا لإحكام سيطرته عليها، وسعى لتقسيمها بقصد تقسيم القضية، لتصبح قضيتين وفق المخطط الديني القومي الصهيوني اليميني، عبر فرض حقائق استيطانية على الأرض، إلى جانب مشروع الترانسفير. أما أبرز رموز التيار الديني والقومي الصهيوني اليميني المتطرف، أمثال جابوتنسكي، ومائير كهانا، وتسيفي يهودا كوك، ودوف ليئور، وإيتمار بن غفير وسميتوروتش وافي روتنسكي، وعن المنظمات الصهيونية الإرهابية يورد حركة كاخ وغوش امونيم، ومنظمة الإرهاب ضد الإرهاب وغيرها
إن مستقبل هذا الكيان المسخ، وإنه الى زوال، وان تفكيكه وزواله حتمية تاريخية، وإن هذا السرطان الممتد في الجسد العربي لا يشكل خطرًا على الشعب الفلسطيني فقط، بل على الأمة العربية جمعاء، وإن مسألة دحره مهمة قومية عربية، وهذا ما يؤكده بعض المؤرخين اليهود أمثال أفنيري وشلومو ساند وغيرهم الذين تنبأوا بزواله.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى