المكتب الإعلامي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في لبنان
في الوقت الذي يترقب فيه العالم ما ستؤول إليه عمليات التفاوض بين المقاومة الفلسطينية في غزة، وسلطة الاحتلال عبر الوسطاء في مصر وقطر، لإبرام صفقة تبادل “للإسرائيليين المختطفين” في غزة، والأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال، تتمخض عن هدنة، يؤمل أن تؤدي إلى وقف دائم لإطلاق النار. في هذا الوقت بالذات نرى أن حرب الإبادة الجماعية في غزة تستعر نيرانها على مدار الساعة، فتحصد المئات من المدنيين جلهم من الأطفال والنساء، ونسجل اشتداد ذلك وضراوته منذ الثامن من تشرين الأول من العام الماضي إثر بدء معركة “طوفان الأقصى” .
والسؤال الذي يطرح : كيف يتحدثون عن تبادل أسرى في الوقت الذي يزج في السجون الإسرائيلية يوميًا المئات من الأسيرات والأسرى، اللواتي والذين يتعرضون لأبشع أنواع التعذيب من ضرب مبرح، وتجويع، واغتصاب، وتنكيل … لاسيما معتقلو ومعتقلات الرأي ! ! مما يؤكد الأهداف الخطيرة للاحتلال الإسرائيلي، التي تتلخص بأن ليس أمام الشعب الفلسطيني إلا التالي: إما الرضوخ للتعذيب في المعتقلات والسجون حتى الموت، وإما الاستسلام للإبادة الجماعية بأحدث آلات الموت والأسلحة التدميرية، أما من يبقى على قيد الحياة فليس أمامه سوى الخضوع للتهجير القسري والطرد من وطنه وأرضه، وذلك بدعم غير محدود من الغرب الاستعماري خاصة الولايات المتحدة الأميركية .
في هذا الوقت بالذات، وبما يتناقض مع الهدف المعلن لعملية التفاوض لإبرام صفقة التبادل، قامت إدارة السجون في دولة الاحتلال الإسرائيلي بنقل الأسيرة القيادية في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وفي الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية، العضو السابق في المجلس التشريعي الفلسطيني، المناضلة خالدة جرار، قامت بنقلها من المكان الذي كانت معتقلة فيه إلى زنزانة إنفرادية ضيقة جدا إلى الحد الذي لا تتسع فيه إلا لفراش صغير، وهي إلى ذلك خالية كليا من أي نافذة أو فتحة للتهوئة، كما أنه لا يؤتى إليها إلا بالقليل من الماء والطعام الرديء ، ويمنع عنها الخروج إلى الضوء نهائيا رغم حالتها الصحية السيئة !
إن اعتقال المناضلة خالدة جرار يأتي ضمن ما يطلقه العدو عليه “بالاعتقال الإداري”، الذي كان اعتقالها منذ أكثر من عام ونصف من منزلها في رام الله في الضفة الغربية، وتجدر الإشارة هنا إلى أن هذا الاعتقال ليس الأول لها، بل إنها تعرضت سابقا لاعتقالات متكررة امتدت لأكثر من خمس سنوات منعت خلال
واحد منها حرمانها من وداع ابنتها التي توفيت أثناء وجودها في المعتقل.
لقد كانت خالدة جرار واحدة من عدد كبير من النساء الفلسطينيات المناضلات الوطنيات، وصاحبات الرأي، والصحافيات والحقوقيات والطالبات اللواتي تم اعتقالهن لكم أفواههن، وإسكات صوت المرأة الفلسطينية، الذي ما انفك يزداد تأثيرا ويرتفع، كأي صوت حر آخر يعلو ضد سياسة الاحتلال الإسرائيلي القائمة على اغتصاب الأرض، والتوسع في إقامة المستوطنات، وطرد الفلسطينيين من منازلهم عبر اقتحام البيوت والتدمير والقتل، ومن المجدي الإشارة إليه أيضًا أن حملات الاعتقال قد تضاعفت، وعدد الأسيرات الفلسطينيات قد تزايد بعد السابع من تشرين الأول الماضي، بشكل كبير حتى بلغ 350 أسيرة .
إننا إذ ندين بشدة ما يقوم به الاحتلال في غزة، والقدس، والضفة الغربية من تعد وقتل وأسر، وتجويع، وحروب إبادة، وإغراق غزة ومدنييها من أطفال ورضع، ونساء وكبار سن، وأطباء ومسعفين، ونازحين في بحر من الدماء.
وإننا، إذ ندين قصف مجموعات المدنيين الهاربين مع عائلاتهم من الموت ، أو المحتمين من البرد أو الحر تحت خيم متواضعة، أو اللاجئين إلى باحات الكنائس، والمساجد، والمستشفيات، والمدارس، ومنها مدارس “الأنروا”، أو الملاحقين بالقصف الجوي والبري الذين انتهي بهم إلى أن أصبحوا محاصرين من قبل العدو قرب البحر، في مساحة صغيرة غرب غزة هاربين من الموت إلى موت من نوع آخر .. لكن كل ذلك، لم يكن ليثني الشعب الفلسطيني المقاوم ،مدعومًا من أحرار العالم المتسلحين بإنسانيتهم التي بدأ صوتها يرتفع خلال التظاهرات الضخمة، والتحركات العالمية الواسعة، تلك الإنسانية النبيلة التي أضاءت شعاعا لأمل جديد .
إننا كمنظمات واتحادات وشخصيات وأفراد، وعلى ضوء ماتقدم من إدانتنا للإجرام والوحشية غير المسبوقين في غزة المحاصرة، ومن شجبنا وإدانتنا لما تعرضت وتتعرض له خالدة جرار، ورفيقاتها، ورفاقها الأسيرات والأسرى من ممارسات غير إنسانية.
نطالب بإصرار بإطلاق صراح النائبة السابقة المناضلة خالدة جرار، وجميع الأسيرات والأسرى من سجون الاحتلال فورًا، كما ندعو إلى أوسع حملة تضامن معها ومعهم من قبل المنظمات الدولية، وهيئات الأمم المتحدة ولاسيما الصليب الأحمر الدولي، للضغط على دولة الاحتلال بالوسائل كافة، لإطلاق سراح خالدة جرار وسائر الأسرى والأسيرات من المعتقلات والسجون ،
وندعو إلى تضامن كل أحرار العالم من أجل بذل جهد إستثنائي، لنكتب معا نهاية مختلفة عما تخطط له دولة الاحتلال، نهاية عنوانها : وقف العدوان واستعادة الأرض السليبة، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، وعاصمتها القدس .
الإثنين 26 – 8 – 2024
1 – المركز الإقليمي للمنطقة العربية في الاتحاد النسائي الديمقراطي العالمي
2 – المجلس النسائي اللبناني
3 -لجنة حقوق المرأة اللبنانية