منوعات
بيان صادر عن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بمناسبة الذكرى الـ 56 لانطلاقتها المجيدة
المكتب الإعلامي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في لبنان
10-12-2023
10-12-2023
كل البنادق نحو العدو والمقاومة مستمرة،
يا جماهير شعبنا الفلسطيني العظيم،
يا جماهير أمتنا العربية والإسلامية،
يا كل الأحرار والشرفاء في العالم،
56 عاماً مر على ميلادٍ من رحم تراب الوطن من الجرح النازف بكثافة من كل فلسطين من عشقها الملحمي في “النَفَس الغزاوي” المقاوم إلى عمق التاريخ في “زهرة المدائن” وبنادق الأجيال تنبض في “قلب الضفة” وباقي مدن الجليل والنقب، إلى البلاد وأرض الأجداد التي تسكن حكاياتنا ولا تختزلها الجغرافيا ولا يتجاوزها التاريخ. لتنطلق وتؤكد أن شعبنا الأسطوري المضحي بلا حدود يستحق الحياة ويستحق فلسطين.
56 عاماً ويتعزز إيماننا بقدسية كفاحنا وعدالة قضيتنا. وتتجدد الثقة بقدرة شعبنا وصبره وصموده، وبإرادةٍ صلبة وعزيمةٍ لا تلين، منذ أن انطلقنا من رحم حركة القوميين العرب. وفي يوم الحادي عشر من كانون الأول عام 1967 كان ميلاد الرد الثوري كمحطةٍ نوعيةٍ، وكان مفصلاً تاريخياً في مسيرة نضال شعبنا، ورداً على “نكسة” الرابع من حزيران عام 1967، وتعبيراً عن رفض الاعتراف بتداعياتها، باحتلال ما تبقى من أرض فلسطين التاريخية، وشبه جزيرة سيناء ومرتفعات الجولان.
56 عاماً وعلى امتداد مسيرتها الكفاحية، وعلى طريق تحرير كل فلسطين، قدمت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ، عشرات الآلاف من الشهداء، من خيرة قادتها وكوادرها ومناضليها، وقوافل طويلة من الشهداء، والجرحى، والأسرى، دفاعاً عن شرف وكرامة الأمة، وكل قيم الحق والعدالة والإنسانية في العالم، وشكلت نموذجاً يفتخر به كل المناضلين الثائرين من شعبنا وأمتنا وأحرار العالم، وفي مختلف ميادين الصراع الوجودي والحضاري المفتوح مع كيان الاحتلال، على المستويات السياسية، والكفاحية، والثقافية، والإعلامية، وكان لها شرف الإسهام الفاعل في تعريف العالم بقضية فلسطين، وحقيقة الصراع، وفضح الرواية الصهيونية والغربية التي قامت على أكذوبة *(أرض بلا شعب لشعب بلا أرض)*.
تحل الذكرى الـ 56 لانطلاقة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين هذا العام، في الوقت الذي تتواصل فيه ومنذ أكثر من شهرين حملة الإبادة الجماعية التي يشنها جيش الاحتلال، وبمشاركة وتواطؤ ودعم أميركي-غربي متوحش، وعجز المجتمع الدولي ومؤسساته الحقوقية والإنسانية، وخذلان رسمي عربي يصل إلى حد التواطؤ، بهدف كسر إرادة شعبنا وفرض الاستسلام عليه، وتصفية قضيته الوطنية التي قاتل من أجلها منذ أكثر من 75 عاماً، وقَدّم في سبيلها ولا يزال الدماء والأشلاء، لم ينحنِ ولم ينكسر، مؤمناً بعدالة قضيته وقدسية نضاله، وأشد إصراراً وتصميماً على الاستمرار في رفع راية المقاومة، وأكثر تمسكاً بحقوقه التاريخية غير القابلة للمساومة والمقايضة على طريق التحرير والعودة.
يا جماهير شعبنا الفلسطيني العظيم،
يا كل الأحرار والشرفاء في أمتنا والعالم،
إن ذكرى الانطلاقة بالنسبة إلينا في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، إنما هي مناسبة لتقييم ومراجعة مسيرتنا الكفاحية، وتجديد للعهد الذي قطعناه لشعبنا منذ الانطلاقة، بأننا سنبقى ثابتين على العهد والوعد، أوفياء لدماء الشهداء، وآلام الجرحى، وعذابات الأسرى، لدموع الأمهات، وصرخات اليتامى، لآمال شعبنا وأحلامه، لن نغير ولن نُبّدل، لن نساوم ولن نفرط، وسنبقى دوماً أوفياء للعهد والقسم مهما اشتدت الصعاب وبلغت التضحيات، وستبقى الجبهة كما عهدتموها جبهة الفقراء والثائرين، جبهة الوفاء والصدق والإيثار والتضحية، من صمود شعبنا نستمد العزيمة، ومن صبره وثباته نزداد تصميماً وإصراراً على مواصلة النضال حتى تحقيق الانتصار القادم حتماً على أجنحة المجد يعانق السماء ويكتب على جبين الشمس أسطورة شعب لا يعرف المستحيل.
وفي الوقت الذي يصعِّد فيه الإحتلال من جرائمه ومجازره، في سياق حملة مسعورة، ومخطط معد مسبقاً لتهجير سكان قطاع غزة، و القدس ، والضفة الغربية، والمحتل من فلسطين عام 1948، بهدف تحقيق مشروع يهودية الدولة، وترسيخها أمراً واقعاً في سياق مخططاته المغلفة بالأساطير التلمودية، وبشراكة ودعم وتغطية أميركية – غربية غير مسبوقة. يقف شعبنا بكل شموخ وإباء، بقوة الحق والبقاء وبإرادةٍ لا تلين في وجه أعتى آلة قتل نازية في العصر الحديث تمارس آخر أساليب الفحش الأخلاقي، الذي لم يعرف التاريخ لها مثيلاً في وحشيتها وعنصريتها ودمويتها، مجردة من كل القيم الإنسانية، تحرق الأطفال والنساء، وتخنق الأجنة في أرحام أمهاتهم، وتسحق أجساد الآمنين العزَّل، تدمر المنازل والمدارس والمرافق الحياتية، تفجر المستشفيات والمساجد والكنائس، وتستهدف كل ما يمت للحياة الإنسانية في قطاع غزة بصلة. كل ذلك بهدف كسر إرادة شعبنا الذي يرفض الاستسلام والخضوع، ويزداد صلابةً وعنفواناً وتصميماً على القتال والصمود، حتى إسقاط أهداف العدوان وهزيمة جيش الاحتلال، العاجز عن مواجهة المقاومة في ميادين القتال.
وفي ظل استمرار العدوان، والتغطية التي تؤمنها له الإدارة الأميركية والحكومات الغربية، وبعض الهيئات والمنظمات الدولية، مما جعله يتصرف على أنه فوق القانون الدولي والإنساني، ضارباً بعرض الحائط كافة المواثيق والأعراف الدولية بعيداً عن المسائلة والمحاسبة. ويزداد عدوانية لتنفيذ مشاريعه الجهنمية، فيكثف الاستيطان، ويهوّد المقدسات، يحاصر ويقتحم المدن والبلدات والمخيمات، في القدس والضفة الغربية، يداهم البيوت، يعتقل المواطنين دون اتهام، يلاحق ويغتال الأطفال والشبان بدمٍ بارد، يقطع أوصال الضفة، يقيم الحواجز ويعيق حركة المواطنين، ويطلق العنان لقطعان المستوطنين ويوفر لهم الحماية ليعيثوا فساداً وقتلاً وإرهاباً ضد المدنيين الآمنين. ومن أجل ذلك كله جاء رد شعبنا الحاسم، بأن المقاومة هي الكفيلة بردع الاحتلال، واستعادة حقوقنا المشروعة، وشَكلّت ملحمة طوفان الأقصى إحدى محطات نضال شعبنا المتقدمة والناصعة، التي سيكتبها التاريخ بحروفٍ من ذهب.
يا جماهير شعبنا الفلسطيني العظيم،
يا كل أحرار أمتنا وشرفاء العالم،
إننا وأمام كل التحديات الجسام والمخاطر المحدقة بشعبنا وأمتنا وبالسلم والاستقرار العالمي نؤكد وندعو إلى ما يلي:
ندعو إلى الوقف الفوري للعدوان على قطاع غزة، ونؤكد أن إدخال المساعدات الإغاثية أمر مهم وحيوي، ولكنه يفقد أهميته في ظل استمرار المحرقة التي ينفذها الاحتلال بحق شعبنا، ونعتبر أن المواقف والتصريحات الأميركية والغربية بشأن حماية المدنيين خداعٌ وتضليل، بهدف امتصاص النقمة الشعبية على المستوى الدولي وتغطية لاستمرار العدوان.
نؤكد أن مقاومة شعبنا للاحتلال، حق مشروع كفلته كافة المواثيق والأعراف الدولية، وشعبنا متمسك بممارسة هذا الحق مهما بلغت التضحيات. فالمقاومة مستمرة ما بقي الاحتلال قائماً. ونثمن عالياً التفاف شعبنا حول خيار المقاومة. وفي هذا السياق نوجه التحية إلى رجال المقاومة في ميدان القتال إلى الكتائب والسرايا، إلى المقاتلين البواسل أسود الميدان، ونقول لهم “لكم ينحني المجد، يا من حطمتم جبروت جيش الاحتلال وأذليتم قادته وضباطه وجنوده، وسحقتم دباباتهم وناقلات جندهم، وألحقتم بهم هزيمةً مدوية لن ينسوها على مدى الأيام”.
نؤكد أن حملة الإبادة الجماعية التي يتعرض لها شعبنا في قطاع غزة، وما يرتكبه العدو من ممارساتٍ وحشيةٍ في القدس والضفة الغربية، ليس مجرد رد على السابع من أكتوبر كما يدَّعي، إنما هو استمرار للمؤامرة والعدوان الذي يتعرض له شعبنا منذ أكثر من 75 عاماً.
نؤكد رفض شعبنا الحاسم لكل مشاريع التهجير أو الوصاية، وأن شعبنا هو من يرسم مستقبله. وكل من يسعى أو يتساوق مع أي مؤامرات أو مخططات تستهدف التهجير أو الوصايا سيقاومها شعبنا وسيتصدى لها وسيفشلها.
نتوجه بتحية مجد ووفاء إلى كل طفلٍ وشيخٍ وامرأة من أبناء شعبنا في قطاع غزة، للصامدين والصابرين القابضين على الجمر، إلى الشهداء والجرحى، إلى عائلاتهم وأسرهم. وإلى الطواقم الطبية والإغاثية والإسعافية، ورجال الدفاع المدني الذين عملوا بكل ما أوتوا من قوة وعزيمة، لمساعدة ونجدة أبناء شعبنا من الجرحى والمحتاجين، وقدموا أمثولة للعالم في التضحية والفداء والإيثار.
التحية المضمخة بعبير الوطن إلى الحركة الوطنية الأسيرة، عنوان التحدي والصمود في زنازين الاحتلال، أصحاب الإرادة الفولاذية وهم يواجهون بطش الاحتلال وممارساته النازية بكل شموخ وعنفوان . كما نتوجه بالتحية والمباركة للأسيرات والأسرى الأشبال الذين تحرروا مؤخراً من سجون الاحتلال بصفقة تبادل بفضل صمود المقاومة وثباتها ورغم أنف الاحتلال.
ندعو إلى تعزيز وتمتين الوحدة الوطنية الفلسطينية بين كل مكونات وقوى شعبنا، وتشكيل قيادة طوارئ فلسطينية موحدة للتصدي للعدوان وإسقاط أهدافه، على قاعدة التمسك بكامل حقوق شعبنا التاريخية والتحلل من كل الاتفاقيات الموقعة مع كيان الاحتلال، والكف عن الرهان على أوهام التسوية، وإمكانية تحقيق السلام والتعايش مع هذا العدو المجرم المتعطش للدماء، واعتبار أن حقيقة الصراع هي صراع وجود وليس صراع حدود.
ندعو جماهير شعبنا وأمتنا وأحرار العالم، للانخراط في معركة الدفاع عن حقوقه المشروعة والعادلة باعتبار أن القضية الفلسطينية تمثل وبما لا يدع مجالاً للشك أعدل وأقدس قضية إنسانية في العصر الحديث.
ندعو إلى إطلاق مبادرات وحملات تكافل اجتماعي وإنساني لتوفير الاحتياجات الضرورية لأبناء شعبنا في قطاع غزة، لتعزيز صمودهم وثباتهم في أرضهم حتى دحر العدوان وإسقاط أهدافه.
نؤكد أن ما يتعرض له شعبنا من مجازر وحشية كشف تواطؤ وعجز المؤسسات والمنظمات الدولية وخضوعها لهيمنة وإرادة القوى العدوانية الاستعمارية ما يستدعي العمل الجاد مع كل قوى الحرية والسلم والعدالة في العالم، لإيجاد مؤسسات وأطر دولية وقانونية، بعيداً عن هيمنة وسيطرة الإدارة الأميركية.
نؤكد أن ما تمخض من قرارات عن القمة العربية الإسلامية في الرياض مؤخراً، ليست جادة وتفتقر إلى الجرأة ولا ترتقي إلى مستوى نبض الشعوب العربية والإسلامية ومع ذلك بقيت حبراً على ورق.
ندعو جماهير شعبنا وأمتنا وأحرار العالم إلى تصعيد تحركاتهم التضامنية مع شعبنا، في كافة الميادين والساحات، وأمام السفارات، ومصالح الشركات والمؤسسات الداعمة للعدوان، ومحاصرة الموانئ والمطارات والضغط لمنع تصدير السلاح لدولة الكيان الغاصب.
ندعو كافة المؤسسات والجامعات والاتحادات واللجان والأندية والشخصيات والكتاب والصحفيين والفنانين والإعلاميين والرياضيين لمقاطعة كيان الاحتلال وداعميه والمتسترين على جرائمه ومجازره.
نثمن عالياً التحركات التضامنية مع شعبنا في مختلف مدن وقرى فلسطين المحتلة، وفي كل مواقع اللجوء والشتات. كما نثمن عالياً دعم وتضامن شعوب أمتنا العربية، وحملات الدعم والإسناد والمناصرة على المستوى العالمي. ونتوجه بتحية اعتزاز وإكبار لكل الفاعلين والناشطين الذين بادروا وساهموا في إطلاق التحركات والمبادرات الداعمة لشعبنا والمنددة بالعدوان.
نتوجه بأسمى معاني الشكر والتقدير إلى كل المنابر والطواقم الإعلامية والصحفية، التي ناصرت شعبنا ومقاومته ولعبت دوراً هاماً ومحورياً في كشف حقيقة الاحتلال وزيف ادعاءاته، وكشفت القناع عن وجهه الحقيقي ودمويته ووحشيته، رغم كل التحديات والمخاطر. كما نتوجه بتحيةٍ خاصةٍ لشهداء الإعلام والصحافة، شهداء الصورة والكلمة الصادقة والملتزمة.
ختاماً، نجدد العهد والقسم أننا مستمرون على درب الشهداء، لن ننحني ولن ننكسر، مهما غلت التضخيات واشتدت وطالت سنوات الجمر وستبقى راية المقاومة عالية خفاقة حتى النصر الأكيد وتحرير فلسطين كل فلسطين.
المجد للشهداء،
الحرية للأسرى
الشفاء للجرحى،
وإننا حتماً لمنتصرون،
يا جماهير شعبنا الفلسطيني العظيم،
يا جماهير أمتنا العربية والإسلامية،
يا كل الأحرار والشرفاء في العالم،
56 عاماً مر على ميلادٍ من رحم تراب الوطن من الجرح النازف بكثافة من كل فلسطين من عشقها الملحمي في “النَفَس الغزاوي” المقاوم إلى عمق التاريخ في “زهرة المدائن” وبنادق الأجيال تنبض في “قلب الضفة” وباقي مدن الجليل والنقب، إلى البلاد وأرض الأجداد التي تسكن حكاياتنا ولا تختزلها الجغرافيا ولا يتجاوزها التاريخ. لتنطلق وتؤكد أن شعبنا الأسطوري المضحي بلا حدود يستحق الحياة ويستحق فلسطين.
56 عاماً ويتعزز إيماننا بقدسية كفاحنا وعدالة قضيتنا. وتتجدد الثقة بقدرة شعبنا وصبره وصموده، وبإرادةٍ صلبة وعزيمةٍ لا تلين، منذ أن انطلقنا من رحم حركة القوميين العرب. وفي يوم الحادي عشر من كانون الأول عام 1967 كان ميلاد الرد الثوري كمحطةٍ نوعيةٍ، وكان مفصلاً تاريخياً في مسيرة نضال شعبنا، ورداً على “نكسة” الرابع من حزيران عام 1967، وتعبيراً عن رفض الاعتراف بتداعياتها، باحتلال ما تبقى من أرض فلسطين التاريخية، وشبه جزيرة سيناء ومرتفعات الجولان.
56 عاماً وعلى امتداد مسيرتها الكفاحية، وعلى طريق تحرير كل فلسطين، قدمت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ، عشرات الآلاف من الشهداء، من خيرة قادتها وكوادرها ومناضليها، وقوافل طويلة من الشهداء، والجرحى، والأسرى، دفاعاً عن شرف وكرامة الأمة، وكل قيم الحق والعدالة والإنسانية في العالم، وشكلت نموذجاً يفتخر به كل المناضلين الثائرين من شعبنا وأمتنا وأحرار العالم، وفي مختلف ميادين الصراع الوجودي والحضاري المفتوح مع كيان الاحتلال، على المستويات السياسية، والكفاحية، والثقافية، والإعلامية، وكان لها شرف الإسهام الفاعل في تعريف العالم بقضية فلسطين، وحقيقة الصراع، وفضح الرواية الصهيونية والغربية التي قامت على أكذوبة *(أرض بلا شعب لشعب بلا أرض)*.
تحل الذكرى الـ 56 لانطلاقة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين هذا العام، في الوقت الذي تتواصل فيه ومنذ أكثر من شهرين حملة الإبادة الجماعية التي يشنها جيش الاحتلال، وبمشاركة وتواطؤ ودعم أميركي-غربي متوحش، وعجز المجتمع الدولي ومؤسساته الحقوقية والإنسانية، وخذلان رسمي عربي يصل إلى حد التواطؤ، بهدف كسر إرادة شعبنا وفرض الاستسلام عليه، وتصفية قضيته الوطنية التي قاتل من أجلها منذ أكثر من 75 عاماً، وقَدّم في سبيلها ولا يزال الدماء والأشلاء، لم ينحنِ ولم ينكسر، مؤمناً بعدالة قضيته وقدسية نضاله، وأشد إصراراً وتصميماً على الاستمرار في رفع راية المقاومة، وأكثر تمسكاً بحقوقه التاريخية غير القابلة للمساومة والمقايضة على طريق التحرير والعودة.
يا جماهير شعبنا الفلسطيني العظيم،
يا كل الأحرار والشرفاء في أمتنا والعالم،
إن ذكرى الانطلاقة بالنسبة إلينا في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، إنما هي مناسبة لتقييم ومراجعة مسيرتنا الكفاحية، وتجديد للعهد الذي قطعناه لشعبنا منذ الانطلاقة، بأننا سنبقى ثابتين على العهد والوعد، أوفياء لدماء الشهداء، وآلام الجرحى، وعذابات الأسرى، لدموع الأمهات، وصرخات اليتامى، لآمال شعبنا وأحلامه، لن نغير ولن نُبّدل، لن نساوم ولن نفرط، وسنبقى دوماً أوفياء للعهد والقسم مهما اشتدت الصعاب وبلغت التضحيات، وستبقى الجبهة كما عهدتموها جبهة الفقراء والثائرين، جبهة الوفاء والصدق والإيثار والتضحية، من صمود شعبنا نستمد العزيمة، ومن صبره وثباته نزداد تصميماً وإصراراً على مواصلة النضال حتى تحقيق الانتصار القادم حتماً على أجنحة المجد يعانق السماء ويكتب على جبين الشمس أسطورة شعب لا يعرف المستحيل.
وفي الوقت الذي يصعِّد فيه الإحتلال من جرائمه ومجازره، في سياق حملة مسعورة، ومخطط معد مسبقاً لتهجير سكان قطاع غزة، و القدس ، والضفة الغربية، والمحتل من فلسطين عام 1948، بهدف تحقيق مشروع يهودية الدولة، وترسيخها أمراً واقعاً في سياق مخططاته المغلفة بالأساطير التلمودية، وبشراكة ودعم وتغطية أميركية – غربية غير مسبوقة. يقف شعبنا بكل شموخ وإباء، بقوة الحق والبقاء وبإرادةٍ لا تلين في وجه أعتى آلة قتل نازية في العصر الحديث تمارس آخر أساليب الفحش الأخلاقي، الذي لم يعرف التاريخ لها مثيلاً في وحشيتها وعنصريتها ودمويتها، مجردة من كل القيم الإنسانية، تحرق الأطفال والنساء، وتخنق الأجنة في أرحام أمهاتهم، وتسحق أجساد الآمنين العزَّل، تدمر المنازل والمدارس والمرافق الحياتية، تفجر المستشفيات والمساجد والكنائس، وتستهدف كل ما يمت للحياة الإنسانية في قطاع غزة بصلة. كل ذلك بهدف كسر إرادة شعبنا الذي يرفض الاستسلام والخضوع، ويزداد صلابةً وعنفواناً وتصميماً على القتال والصمود، حتى إسقاط أهداف العدوان وهزيمة جيش الاحتلال، العاجز عن مواجهة المقاومة في ميادين القتال.
وفي ظل استمرار العدوان، والتغطية التي تؤمنها له الإدارة الأميركية والحكومات الغربية، وبعض الهيئات والمنظمات الدولية، مما جعله يتصرف على أنه فوق القانون الدولي والإنساني، ضارباً بعرض الحائط كافة المواثيق والأعراف الدولية بعيداً عن المسائلة والمحاسبة. ويزداد عدوانية لتنفيذ مشاريعه الجهنمية، فيكثف الاستيطان، ويهوّد المقدسات، يحاصر ويقتحم المدن والبلدات والمخيمات، في القدس والضفة الغربية، يداهم البيوت، يعتقل المواطنين دون اتهام، يلاحق ويغتال الأطفال والشبان بدمٍ بارد، يقطع أوصال الضفة، يقيم الحواجز ويعيق حركة المواطنين، ويطلق العنان لقطعان المستوطنين ويوفر لهم الحماية ليعيثوا فساداً وقتلاً وإرهاباً ضد المدنيين الآمنين. ومن أجل ذلك كله جاء رد شعبنا الحاسم، بأن المقاومة هي الكفيلة بردع الاحتلال، واستعادة حقوقنا المشروعة، وشَكلّت ملحمة طوفان الأقصى إحدى محطات نضال شعبنا المتقدمة والناصعة، التي سيكتبها التاريخ بحروفٍ من ذهب.
يا جماهير شعبنا الفلسطيني العظيم،
يا كل أحرار أمتنا وشرفاء العالم،
إننا وأمام كل التحديات الجسام والمخاطر المحدقة بشعبنا وأمتنا وبالسلم والاستقرار العالمي نؤكد وندعو إلى ما يلي:
ندعو إلى الوقف الفوري للعدوان على قطاع غزة، ونؤكد أن إدخال المساعدات الإغاثية أمر مهم وحيوي، ولكنه يفقد أهميته في ظل استمرار المحرقة التي ينفذها الاحتلال بحق شعبنا، ونعتبر أن المواقف والتصريحات الأميركية والغربية بشأن حماية المدنيين خداعٌ وتضليل، بهدف امتصاص النقمة الشعبية على المستوى الدولي وتغطية لاستمرار العدوان.
نؤكد أن مقاومة شعبنا للاحتلال، حق مشروع كفلته كافة المواثيق والأعراف الدولية، وشعبنا متمسك بممارسة هذا الحق مهما بلغت التضحيات. فالمقاومة مستمرة ما بقي الاحتلال قائماً. ونثمن عالياً التفاف شعبنا حول خيار المقاومة. وفي هذا السياق نوجه التحية إلى رجال المقاومة في ميدان القتال إلى الكتائب والسرايا، إلى المقاتلين البواسل أسود الميدان، ونقول لهم “لكم ينحني المجد، يا من حطمتم جبروت جيش الاحتلال وأذليتم قادته وضباطه وجنوده، وسحقتم دباباتهم وناقلات جندهم، وألحقتم بهم هزيمةً مدوية لن ينسوها على مدى الأيام”.
نؤكد أن حملة الإبادة الجماعية التي يتعرض لها شعبنا في قطاع غزة، وما يرتكبه العدو من ممارساتٍ وحشيةٍ في القدس والضفة الغربية، ليس مجرد رد على السابع من أكتوبر كما يدَّعي، إنما هو استمرار للمؤامرة والعدوان الذي يتعرض له شعبنا منذ أكثر من 75 عاماً.
نؤكد رفض شعبنا الحاسم لكل مشاريع التهجير أو الوصاية، وأن شعبنا هو من يرسم مستقبله. وكل من يسعى أو يتساوق مع أي مؤامرات أو مخططات تستهدف التهجير أو الوصايا سيقاومها شعبنا وسيتصدى لها وسيفشلها.
نتوجه بتحية مجد ووفاء إلى كل طفلٍ وشيخٍ وامرأة من أبناء شعبنا في قطاع غزة، للصامدين والصابرين القابضين على الجمر، إلى الشهداء والجرحى، إلى عائلاتهم وأسرهم. وإلى الطواقم الطبية والإغاثية والإسعافية، ورجال الدفاع المدني الذين عملوا بكل ما أوتوا من قوة وعزيمة، لمساعدة ونجدة أبناء شعبنا من الجرحى والمحتاجين، وقدموا أمثولة للعالم في التضحية والفداء والإيثار.
التحية المضمخة بعبير الوطن إلى الحركة الوطنية الأسيرة، عنوان التحدي والصمود في زنازين الاحتلال، أصحاب الإرادة الفولاذية وهم يواجهون بطش الاحتلال وممارساته النازية بكل شموخ وعنفوان . كما نتوجه بالتحية والمباركة للأسيرات والأسرى الأشبال الذين تحرروا مؤخراً من سجون الاحتلال بصفقة تبادل بفضل صمود المقاومة وثباتها ورغم أنف الاحتلال.
ندعو إلى تعزيز وتمتين الوحدة الوطنية الفلسطينية بين كل مكونات وقوى شعبنا، وتشكيل قيادة طوارئ فلسطينية موحدة للتصدي للعدوان وإسقاط أهدافه، على قاعدة التمسك بكامل حقوق شعبنا التاريخية والتحلل من كل الاتفاقيات الموقعة مع كيان الاحتلال، والكف عن الرهان على أوهام التسوية، وإمكانية تحقيق السلام والتعايش مع هذا العدو المجرم المتعطش للدماء، واعتبار أن حقيقة الصراع هي صراع وجود وليس صراع حدود.
ندعو جماهير شعبنا وأمتنا وأحرار العالم، للانخراط في معركة الدفاع عن حقوقه المشروعة والعادلة باعتبار أن القضية الفلسطينية تمثل وبما لا يدع مجالاً للشك أعدل وأقدس قضية إنسانية في العصر الحديث.
ندعو إلى إطلاق مبادرات وحملات تكافل اجتماعي وإنساني لتوفير الاحتياجات الضرورية لأبناء شعبنا في قطاع غزة، لتعزيز صمودهم وثباتهم في أرضهم حتى دحر العدوان وإسقاط أهدافه.
نؤكد أن ما يتعرض له شعبنا من مجازر وحشية كشف تواطؤ وعجز المؤسسات والمنظمات الدولية وخضوعها لهيمنة وإرادة القوى العدوانية الاستعمارية ما يستدعي العمل الجاد مع كل قوى الحرية والسلم والعدالة في العالم، لإيجاد مؤسسات وأطر دولية وقانونية، بعيداً عن هيمنة وسيطرة الإدارة الأميركية.
نؤكد أن ما تمخض من قرارات عن القمة العربية الإسلامية في الرياض مؤخراً، ليست جادة وتفتقر إلى الجرأة ولا ترتقي إلى مستوى نبض الشعوب العربية والإسلامية ومع ذلك بقيت حبراً على ورق.
ندعو جماهير شعبنا وأمتنا وأحرار العالم إلى تصعيد تحركاتهم التضامنية مع شعبنا، في كافة الميادين والساحات، وأمام السفارات، ومصالح الشركات والمؤسسات الداعمة للعدوان، ومحاصرة الموانئ والمطارات والضغط لمنع تصدير السلاح لدولة الكيان الغاصب.
ندعو كافة المؤسسات والجامعات والاتحادات واللجان والأندية والشخصيات والكتاب والصحفيين والفنانين والإعلاميين والرياضيين لمقاطعة كيان الاحتلال وداعميه والمتسترين على جرائمه ومجازره.
نثمن عالياً التحركات التضامنية مع شعبنا في مختلف مدن وقرى فلسطين المحتلة، وفي كل مواقع اللجوء والشتات. كما نثمن عالياً دعم وتضامن شعوب أمتنا العربية، وحملات الدعم والإسناد والمناصرة على المستوى العالمي. ونتوجه بتحية اعتزاز وإكبار لكل الفاعلين والناشطين الذين بادروا وساهموا في إطلاق التحركات والمبادرات الداعمة لشعبنا والمنددة بالعدوان.
نتوجه بأسمى معاني الشكر والتقدير إلى كل المنابر والطواقم الإعلامية والصحفية، التي ناصرت شعبنا ومقاومته ولعبت دوراً هاماً ومحورياً في كشف حقيقة الاحتلال وزيف ادعاءاته، وكشفت القناع عن وجهه الحقيقي ودمويته ووحشيته، رغم كل التحديات والمخاطر. كما نتوجه بتحيةٍ خاصةٍ لشهداء الإعلام والصحافة، شهداء الصورة والكلمة الصادقة والملتزمة.
ختاماً، نجدد العهد والقسم أننا مستمرون على درب الشهداء، لن ننحني ولن ننكسر، مهما غلت التضخيات واشتدت وطالت سنوات الجمر وستبقى راية المقاومة عالية خفاقة حتى النصر الأكيد وتحرير فلسطين كل فلسطين.
المجد للشهداء،
الحرية للأسرى
الشفاء للجرحى،
وإننا حتماً لمنتصرون،
