ثقافة

طفل السبعة أيام

* انتصار الدّنّان

ولدْتُ بِلا حسبٍ ولا نسب
ولدْت كحبّة قمحٍ
نبتت وحدها في أرضٍ جرداء
ماتت أمّي بعد وضعي بسبع ساعات
واستشهد أخوتي الأربعة
وهم في طريقهم للبحث عن ماء
وأُعدم أبي بينما كان متوجّهًا إلى البحر
للحصول على غذاء
وقُصِف منزلُنا
ومات من كان به
من أقارب وأخوال وأعمام وعمّات
ورحل الأجداد والجدات
وبقيت وحدي
أصرخ من وجعي
أصرخ من جوعي
جفّت عروقي
عيناي غارتا في وجهي
وصارتا كمغارة تستقبل الموتى
في المستشفى موجود أنا
لا كساء، ولا ماء، ولا دواء،
جسمي هزيل، وأنازع استجداء للرّوح
قصفوا المستشفى ومن فيه مات
وما زال صوتي يصدح بين الأموات
مات أهلي، وبت بلا حسب ولا نسب،
حملت وجعي ورحت أحفر في التراب
في وكر نملٍ، علّني أحصل على قشرة قمحٍ،
فلم أجد.
تابعت سيري، ورحت نحو مصدر ماء
كانت أمي تقصده عندما تريد أن تقضي وقتًا ممتعًا
فوجدته قد جفّ، وجفّ ريقي فضعفت ووقعت على الأرض
حلقت في الفضا نحو السماء
فوجدت أهلي ورفاقي وأمي وأمي
حاولت البكاء وعناق أمي، لكني لم أستطع،
عدت إلى الأرض، وكنت آخر طفلٍ ينتظر الماء
الأطفال قبلي سبقوني إلى الاستشهاد بعدما ملّوا الانتظار
أمطرت السماء وامتلأت الحفرة بالماء،
شربت منها حتى الارتواء، وما زلت على قيد الحياة،
ما زلت على قيد الحياة بلا حسب ولا نسب
فكل ما تبقى لي من عائلتي الهواء الذي أتنشقه،
وحلم بأن أعيد حسبي ونسبي.

* كاتبة وشاعرة فلسطينية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى