انتصار الدنان- العربي الجديد
تدفع الأزمة المعيشية المتفاقمة غالبية سكان مخيم برج البراجنة للاجئين الفلسطينيين في لبنان إلى تقليص كميات الطعام التي سيتناولونها خلال وجبتي الإفطار والسحور، كما أن البعض سيفعل ذلك تضامناً مع أهالي غزة الذين يتضورون جوعاً من جراء الحصار الذي يفرضه الاحتلال الإسرائيلي عليهم ضمن الانتهاكات الممنهجة منذ بداية العدوان، وصولاً إلى جريمة الإبادة الجماعية، فالجوع نوع من طرق الإبادة، وقد استشهد عدد غير قليل من الغزيين بالفعل نتيجة نقص الطعام.
تقول اللاجئة الفلسطينية سناء الكردي لـ”العربي الجديد”: “يأتي شهر رمضان بينما الوضع الاقتصادي للغالبية متدن. ورغم سوء الأوضاع، وعدم إمكانية تأمين ما نحتاجه لشهر الصيام، يظل وضعنا أهون من ما يعيشه أهل غزة الذين يتضورون جوعاً بسبب منع العدو دخول شاحنات المواد الغذائية والمساعدات الإنسانية إلى القطاع، كما أننا نعيش في بيوت بينما هم باتوا يعيشون في خيام تحت خطر القصف، والعدو يستهدفهم في كل مكان يتواجدون فيه، حتى وهم يتلقون المواد الغذائية التي تلقيها طائرات”.
تتابع الكردي: “كنا قبل رمضانات السنوات الماضية نخزن المواد الغذائية في بيوتنا، لكننا لم نعد نستطيع فعل ذلك، فحتى الفواكه والخضروات لم يعد بإمكاننا شراء كميات منها بسبب أسعارها المرتفعة، ناهيك عن الدجاج واللحوم، وبتنا نعيش كل يوم بيومه، ونأتي إلى السوق للبحث عن الخضروات الذابلة حتى نؤمّن وجبة طعام لأولادنا”.
وتقول اللاجئة الفلسطينية روان السيد: “الأوضاع المعيشية سيئة، ولا نستطيع تأمين ما نحتاجه لمؤونة شهر رمضان، وما يتوفر من مال لا يتيح شراء الدجاج واللحوم، فما يتقاضاه زوجي من عمله كسائق سيارة أجرة بالكاد يكفينا، ومع ذلك يبقى وضعنا أفضل من غيرنا، وأفضل كثيراً مما يعيشه أهل غزة الذين نراهم يموتون في كل يوم، أو يهجّرون من مكان إلى آخر بلا أدوية أو طعام، ولا أعرف كيف سيقضون شهر رمضان”.
هجرت اللاجئة الفلسطينية سميرة الصالحة من منطقة السيدة زينب في سورية إلى مخيم برج البراجنة، وتقول: “لا نستطيع شراء ما نحتاجه خلال شهر رمضان، حتى الخضروات اللازمة لإعداد السلَطة لن نستطيع شراءها بسبب ارتفاع الأسعار، فنحن فقراء، ولا نتلقى أي مساعدات، ووضعنا صعب بسبب وجود معوقين في البيت”.
ويقول اللاجئ ناصر العلي، وهو عامل بناء: “يأتي علينا رمضان هذا العام في ظل ظروف معيشية صعبة، وما يحصل في غزة من حرب إبادة يقوم بها العدو ضد أهلنا يزيد من سوء أوضاعنا النفسية. لا أستطيع تأمين احتياجات رمضان لأنني لا أملك المال، لكني مضطر إلى توفير بعض اللحوم والدجاج، فالصائم يحتاج إلى أن تكون وجبة الإفطار مغذية، لكني لن أستطيع توفير مستلزمات صحن الفتوش (سلطة) فعندي أربعة أولاد، وهم يحتاجون لأموال لاستكمال دراستهم، ولن أستطيع غالباً أن أؤمن كل ذلك”.
كان اللاجئ الفلسطيني محمد وليد الحريري يعيش في سورية قبل لجوئه إلى لبنان، وهو حالياً من سكان مخيم برج البراجنة، ويقول: “ليس لدي عمل، ونعيش في وضع مأساوي يجعلني غير قادر على شراء مستلزمات شهر رمضان، وأحاول توفير القليل من الأطعمة، لكن كل الأسعار مرتفعة، حتى الخضروات والفواكه، ويجب أن أقوم بإدارة مصاريف البيت جيداً، فالزيت على سبيل المثال سعره ارتفع، وبلغ أكثر من مليون ليرة لبنانية، وهو أحد المستلزمات الأساسية التي يحتاجها البيت. إضافة إلى ما نحن عليه، فإننا نحزن على أهلنا في غزة الذين يعيشون تحت رحمة قذائف العدو الذي يتعمد قتلهم وتجويعهم يومياً”.
بدوره، يقول اللاجئ مازن خلف: “عندي محل خضار وسمانة، وعادة في هذه الأيام، يتهافت الزبائن على محلي لشراء ما يحتاجونه من مستلزمات شهر رمضان، لكن عدد الزبائن هذا العام محدود، وهم يشترون كميات أقل مما كانوا معتادين عليه في السنوات السابقة، فالوضع الاقتصادي صعب، وهناك حالة حزن تسيطر على الجميع بسبب ما يحصل في قطاع غزة من إبادة بحق أبناء شعبنا، والكل يشعرون بالألم تجاه ما يحصل، فالناس يموتون جوعاً، ويعيشون بلا مأوى أو ماء أو طعام أو أدوية، فضلاً عن قذائف العدو التي تطاول الآمنين في كل مكان، فحتى المدارس ودور العبادة لم تسلم من القذائف والصواريخ، وحتى من ينتظرون المؤن تستهدفهم القذائف. رمضان هذا العام حزين وصعب وقاس على الجميع”.