نقاط مكثفة حول مجريات المواجهة البرية في غزة (لليوم ال29 للحرب على غزة)

مركز عروبة للأبحاث والتفكير الاستراتيجي
05-11-2023
لا تزال قوات جيش الاحتلال البرية تعمل في المحاور التي تحركت فيها سابقًا جنوب محافظة غزة، والمحاور الشمالية سواء شمال شرقي وشمال غربي قطاع غزة، حيث وصلت أقرب نقطة إلى مدينة غزة من المحور الشمالي الغربي، على مشارف مخيم الشاطئ، والمحور الجنوبي الشرقي بمحيط شارع 10 ومنطقة الدحدوح مشارف شارع 8 قرب تل الهوا.
لا يزال الاحتلال يركز في تحركه البري للوصول لغرب مدينة غزة ومركز المدينة عبر مسارات الالتفاف عن التجمعات السكانية الكبرى خصوصًا الشجاعية والزيتون في غزة، وجباليا وبيت حانون والجزء المكتظ من بيت لاهيا.
في الساعات الأخيرة بدأت القوات البرية لجيش الاحتلال بمحاولة التقدم من جديد في شمال غزة عبر محاور جديدة ذات طبيعة حضرية أكثر خصوصًا منطقتي العطاطرة والسلاطين، إضافة لنقطة تقدم جديدة في بيت حانون والتي جوبهت في المحاور الثلاثة بشكل كبير واستهداف مكثف للآليات التي أعلنت المقاومة عن إعطاب عدد منها.
اتسمت العمليات البرية في الـساعات الـ 48 الأخيرة بنوع من الجمود التي شملت إعادة الانتشار للآليات والتراجع في بعض المحاور إلى نقاط خلفية، خصوصًا المحاور التي وصلت فيها إلى مشارف المناطق الحضرية والعمرانية بشكل خاص مشارف تل الهوا وبيت حانون ومنطقة المخابرات.
إعادة الانتشار مرتبطة بدراسة الاحتلال للنمط الدفاعي للمقاومة والضربات التي تلقتها قوات جيش الاحتلال البرية والخسائر في آلياته، وبالتالي إعادة تقييم شكل وطبيعة تحرك القوات ومدى فعالية وجدوى التمهيد الناري وعمليات "الإحباط الوقائي" التي نفذها جيش الاحتلال عبر الطيران الحربي والمدفعية في المحاور التي تحركت فيها الآليات.
وفق إعلانات المقاومة، فإنها تُوقع خسائر في آليات جيش الاحتلال على اختلافها (دبابات الميركافا Merkava، ناقلات جند، جرافات مدولبة D9) بمعدل آلية كل ساعتين، مما يُشكل استنزاف كبير للقوات البرية في جيش الاحتلال، علمًا أن هذا المتوسط في المرحلة الأولى من العملية البرية وتواجد الآليات في المناطق المفتوحة والمحروقة عملياتياً.
بالرغم من كون الآليات العسكرية الصهيونية وبشكل خاص دبابات الميركافا وناقلات الجند "النمر" مزودة بنظام حماية ورؤية يسمح بالرؤية المحيطية التي تغطي 360 درجة، إلا أن تمكّن المقاومين من الالتحام المباشر مع الآليات عكس عدم فعالية التكنولوجيا أمام عزيمة المقاوم الفلسطيني.
تستخدم المقاومة نمط الإغارة والكر والفر في التصدي للاجتياح البري، حيث لا تعمل مجموعات المقاومة على المواجهة والتصدي التقليدي للآليات لمنع تقدمها (وهو ما كان سيجعلها أهداف سهلة لصواريخ الطائرات الحربية والمُسيرات)، بل تسمح لها بالتقدم إلى المربعات التي تسمح بأقصى فعالية ممكنة للكمائن وأماكن تمركز مجموعات الإغارة لاستنزاف آليات وجنود جيش الاحتلال من خواصر متعددة تشتت حركة القوات وصفوف التحرك.
أدخلت المقاومة إلى المواجهة أسلحة جديدة في إطار تطور العمليات القتالية كان أبرزها استخدام قذائف الكونكورس Konkurs وهو مضاد دروع موجه شبيه بالكورنيت مع اختلاف طفيف في نظام التوجيه (يعمل بالتوجيه السلكي)، إضافة لاستخدام قذائف TGB الفراغية المضادة للأفراد.
تُشكل مفارز الهاون والمدفعية عامل تغطية واستنزاف لتجمعات الآليات لجيش الاحتلال في المحاور التي تقدمت فيها، حيث أظهرت الإعلانات والمقاطع المُصورة التي نشرتها فصائل المقاومة استخدام قذائف الهاون من عيارات مختلفة، بدءًا من الهاون عيار 40 ملم وعيار 60 ملم لاستهداف المشاة، والهاون عيار 80 ملم وعيار 120 ملم ذو الفعالية ضد التحصينات والآليات.
يعكس تحرك المقاومين والتواصل المعلوماتي ونشر المواد المصورة في مدة زمنية قصيرة، تماسك منظومات التواصل والقيادة والسيطرة في المقاومة، وعدم نجاح الضربات المكثفة من الجو على مدار أيام الحرب الصهيونية على التأثير على فعالية المنظومات المذكورة في إدارة العمليات والتغذية الراجعة من الميدان.
المشاهد المصورة المنشورة من ميدان العمليات في محاور القتال شمال وشرق القطاع، تُظهر متانة الكمائن والأنفاق الدفاعية في المناطق المستهدفة، وقدرة المقاومين على استخدامها في تنفيذ عمليات الإغارة على الآليات والجنود والانسحاب.
يكشف الاحتلال تدريجيًا عن خسائره في الميدان، فيما لا تخلو أي كلمة لأي من قادة الاحتلال وأعضاء مجلس الحرب ورئاسة الأركان عن التعبير الصريح عن ضراوة المعارك في الميدان، والخسائر التي يتكبدها جيش الاحتلال.
خلاصة: لازالت القوات البرية لجيش الاحتلال تناور في محيط الشريط الشمالي الغربي والجنوبي الشرقي لمحافظة غزة، ويتردد في التقدم بشكل أكبر في المناطق الحضرية، إذ تعكس الخسائر التي تكبدها في المناطق المفتوحة ما سيكون عليه الحال عند التقدم باتجاه المدينة بشكل أكبر، في ما ستشهد الأيام القادمة زيادة في وتيرة النيران التمهيدية أمام الآليات وتغيير في النمط الدفاعي والتأميني للآليات في ضوء تقييم جيش الاحتلال لخسائره ونمط عمل المقاومة في الأيام السابقة.
يتروى جيش الاحتلال كثيرًا في اتخاذ خطوات دراماتيكية في التحرك داخل محاور العمليات المختلفة بمحيط محافظتي غزة وشمالها، إذ يتجنب الاحتلال التدحرج إلى مربعات نيران كبيرة قد تكون أعدتها المقاومة تُشكل مقتلة كبيرة لقواته البرية تحوّل العملية البرية إلى عامل ضاغط عليه بدلًا من وسيلة لخطف صورة الانتصار لإعادة ترميم هيبة وردع جيش الاحتلال التي هشمتها المقاومة في عبور السابع من أكتوبر.


التعليقات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها


الأسم *
البريد الألكتروني
البلد *
التعليق *
رمز الحماية: أكتب الثلاثة أرقام السوداء فقط captcha image
New Page 1