نفذت مجزرة صبرا وشاتيلا في مخيمي صبرا وشاتيلا للاجئين الفلسطينيين في السادس عشر من أيلول عام 1982، واستمرت لمدة ثلاثة أيام على التوالي على أيدي مجموعات من حزب الكتائب اللبناني وجيش لبنان الجنوبي، وجيش العدو الصهيوني. حصلت المجزرة وسط صمت عربي ودولي، بمشاهد موثقة لجثث قطعت رؤوسها، ورؤوس بلا أعين، وأخرى مشوهة بالكامل، وراح ضحيتها حوالي أربعة آلاف شهيد وشهيدة، وآلاف الجرحى من الفلسطينيين واللبنانيين والسوريين.
بعد صدور قرار ارتكاب المذبحة عن رافايل إيتان، رئيس أركان الحرب الإسرائيلي، وآرييل شارون، وزير الحرب آنذاك، في حكومة مناحيم بيغن، وتحالفت خلالها قوات الاحتلال مع ميليشيا "الكتائب اللبنانية".
طوق جيش الاحتلال الصهيوني المخيم بالكامل، الذي سهّل وساند دخول الميليشيات التي دخلت فجرًا إلى المخيم وبدأت بتنفيذ المجزرة بدم بارد، مستخدمةً الأسلحة البيضاء وغيرها من الأدوات في عمليات التصفية الوحشية لسكان المخيم العُزَّل.
وروى سليمان أحمد شمس، المتحدر من عكا بفلسطين، والمقيم في مخيم شاتيلا، مشاهداته عن المجزرة، قائلًا: كنت في الحادية عشرة من عمري حينها، وحين وصل اليهود إلى منطقتنا كنت وأخوتي بالمخيم في الشارع، صرخ علينا والدي وقال لنا بأن جيش العدو الصهيوني خلفنا، ركضنا للجهة الثانية من الطيق، وكنت في منتصف الشارع، فأطلقوا النار علينا فأصبت برجلي، وصودف حينها مرور شخص من هناك فحملني إلى المخيم، ثم انتقلنا إلى مستشفى غزة، وعندما كنت أخضع للعلاج وصلت أنباء بأن رجال العدو سيدخلون إلى المستشفى، وسيدبحون الناس الذين اختبأوا في المستشفى والمرضى والأطباء، فهربنا إلى شارع حمد، وما إن وصلنا إلى هناك حتى سرى خبر بأن القتلة يريدون المجيء إلى شارع حمد، فانتقلنا إلى منطقة الحمرا ببيروت، وكنت أتعالج في مركز الصليب الأحمر، يطببون جرحي ويحضرون لي الحليب".
ويتابع، في أثناء هروبنا من المخيم شاهدت أناسًا قطعت رؤوسهم، وأناسًا قطعت أجسادهم إلى نصفين، كان المشهد فظيعًا، كنا ندعس على الأشلاء الملاقاة على الأرض بينما كنا نهرب من المخيم، لا أستطيع أن أصف ما رأيته، لأنه كان إجرام بكل ما للكلمة للمعنى.
وقالت الشاهدة نوال أبو ردينة، المتحدرة من بلدة الجاعونة بفلسطين، والمقيمة في مخيم شاتيلا:" ستة عشر شخصًا من أفراد أسرتي قتلوا في تلك المجزرة، كنت حينها في الخامسة من عمري، وكان أبي عائدًا من سفره ليزورنا، وحينها طلب مني بأن آخذ الطعام لأختي، طلبت منه أمي ألا أذهب لأنها كانت تسمع صوت رصاص، فقال أبي ليس هناك أمر سيئ، ذهبت إلى أختي كان الليل نهارًا بسبب القنابل المضيئة، عدت إلى البيت بسرعة، كنا في بيتنا فنزل علينا عناصر جيش لحد من السقف وأخرجوا كل الرجال الموجودين معنا وكان أبي من بينهم، وصفوهم أمام الحائط، وضربوا رؤوسهم بالبلطات فطارت أمخاخهم وعلقت على الحوائط مع شقف من اللحم، صوبوا بواريدهم علينا وطلبوا منا الخروج، هربنا ولولا أنهم التقوا بعائلات المقداد لكقتلونا على الشارع، هربنا إلى الحمرا للاحتماء هناك، وعندما عدنا إلى البيت بعد انتهاء المجزرة، وجدنا أختي ميتة، كانت حينها في التاسعة عشرة من عمرها، وكانت حاملًا، بقروا بطنها وأخرجوا طفلاه ووضعوه على يدها وقتلوها وزوجها.
عدنا إلى المخيم ورأينا فظاعة المشهد، بنات اعتدوا عليهن وقتلوهن، جثثًا من دون رؤوس، وأجسامًا مفصولة عن بعضها، وكان الصليب الأحمر يرمي الكلس عليها، لكني أريد أن أعرف لماذا فعلوا بنا ما فعلوه حتى اليوم لم أجد تفسيرًا لذلك.