New Page 1

وأنا جالس وحدي تحيط بي وجوههم، وبعيون ذابلة حزينة تتأملني لا أدري ماذا تقول! ترى ماذا تريد منّي؟ أهي تستحثني؟ أهي تعاتبني؟ أهي تريدني أن ألحق بأصحابها بسرعة نجاة من شعوري بوحشة حياة الوحدة والقهر من الخُذلان والتخاذل؟ أُغمض عينيّ وتبدأ أسئلة نسيت أن أطرحها عليهم ظناً مني أننا باقون معاً، وأن الموت لن يختطفنا قريباً، فإذا به كصياد ماهر يبدأ في القنص، فيباغتنا..ويصرعنا واحد بعد الآخر ونحن لم نكمل الجدل بيننا، وفي حميّا الاختل


تراجعتِ الرّيحُ قليلًا، قبل أن تتّخذ قرارها. رأت أطفالًا صغارًا يهنؤون بالنّوم، لكنّها، أخيرًا، غضبت غضبًا شديدًا، وهزّتِ البيوت هزًّا تأرجحتِ منه الأرض، فأخرجت كلّ ما فيها من قسوةٍ، فازداد ارتجاج البيوت المتهالكة من تعب السّنين الطّويلة، وراحت حوائطها تلفظ كلّ تلك الحياة الّتي كانت تتغلغل فيها، وما هي إلّا لحظات حتّى صارت ركامًا مختلطًا بكل ما كان في كلّ تلك البيوت من حبّ، وراحتِ الأشجار الّتي تحيطها تلوح وحدها مع الرّيح يا


يشغل سؤال الهوية الجميع، من أنا بالمعنى الفردي، ومن نحن كجماعة، أو كجماعات، ومن نكون بالنسبة للآخرين؟ ويبدو أنه سؤال لا ينضب. الفلسطينيون مثل الجميع، ليسوا بعيدين عن هذا السؤال، ولأنهم يعيشون حالة من الشتات، فإن السؤال بالنسبة لهم أكثر إلحاحًا وتعقيدًا، ما الذي يجمع الفلسطينيين في كل أماكن تواجدهم؟ وهل هنالك جامع حقيقي وهوية وطنية تجمعهم في كل أماكن تواجدهم؟ وكيف تشكلت هذه الهوية؟ يختصر المنفى حياة الفلسطينيين الحديثة، لكن


تردّداتٌ ذبذباتٌ وتيرةٌ مشوّشةٌ من حشرجاتٍ ملتهبة. هبوطٌ صعودٌ دوران شبِقٌ ملهوفٌ متردّدٌ حولَ نبعٍ يتوسّلُ الارتواءَ منه لتحدثَ نقطةَ الالتقاء، فيتفجّرُ ذاك النبعُ ينابيعَ من رغبة مكبّلةٍ زهاءَ عقدٍ من العطش إنه زمزمٌ يصعبُ الامتلاءَ به كوثرٌ كلّما هممْتَ إلى الشبع منها، وجدْتَك مبلّلًا جائعًا بل غَرِقًا أكثرَ في حلاوتها. دفقٌ هائجٌ من رُضاب يتحوّلُ جداولَ من عسل مصفّى لتعي


أتمدَّد بالحنان وأنْكمش بالوِحدة هل أنا طين ألبِّي نداء الماء كلما حنّ إلي أرسم على أديم الوجع خارطة العبور أتشكّل أجسادًا مختلفة تفاصيلها أستغيث بالسّماء أستدعي النور المطمور في الغيث وأستوي فراشًا للنبات ليورق اخضرارًا بعد نوبات الحيرة هل أكونُ ماءً مُزنة ليْلكية تراقصُ نبْض الرّيح نازلة صاعدة بين الأرض والسّماء أنساب من أعلى جبال روحي ثم أهطل فأضرب أرض الواقع حديقتي امتلأت بنجوم اشرأبت أعناقها تطاول لاه


ذات يومٍ جميل في ربيع بهيّ استيقظت الفتاة "أحلام" صباحاً مسرعة نحو أمها، قالت لها: أمي، أريد أن أصير فراشة. ضحكت الأم بفرح واحتضنت ابنتها ثم قالت: سأهديكِ فراشة في عيد مولدكِ القادم، أما الآن فلديكِ موعدٌ مع المدرسة، وسوف تحزن ساحاتها وحديقتها إن تأخرتِ عن اللعب في باحاتها، وسوف تخاصمكِ سبّورة الصف إن لم تزيني خطكِ الجميل على سطحها. عادت أحلام من المدرسة وكانت غاضبة من لون السماء؛ حيث تغطّت بالسواد وبالدخان. قالت الأم: تعال


أمامي الثلج الثلج نفسه يعيدني إلى الشِعر وإلى ذلك الحب الذي أفضى بي ذات ليلة إلى السماء الحب... أغنية ترفعنا عن التراب شيءٌ من الشغف المزمن ماذا يمكن أن أسميه رغبة غامضة تحت نثرات الثلج... أمامي ريح وأشجار لا أوراق لها كعمر يجهد أن يعيش من جديد مع تفادي كل ما يمكن أن يجعلنا نندم هل لا يزال بمقدورنا أن نعيش من جديد أن نبدأ من المكان الذي ارتجفنا فيه آخر مرة وهرمنا دفعة واحدة أن نبدأ


تخيّلي يا أمي أنني لم أعد أكتب الشعر أصبحت رجلًا عاديًا كل ما يشغله لقمة العيش وقيلولة هادئة وفراش نظيف... تخيّلي يا أمي أنني كبرت وأصبحت لي زوجة وأولاد وملامحي صارت بالفعل تشبه الآباء الطيبين حتى أن جسدي تهدل وعضلات بطني ترهلت تمامًا وصارت هيئتي أقرب إلى "نجيب الريحاني" في دور الموظف البسيط الأمر لم يعد مجرد دور ممل في مسرحية عبثية يا أمي كل شيء صار حقيقيًا ابنك الفلتة أصبح موظفًا بائسًا


المآلات التي أطلَقْتَها كأسراب اليمام الزّاجلات ألقتْ وَقْر َرسائلها على سمع روحي توغّلت فيّ... وندوب خلَّفَتْها تنزّ حرقتها كأنها جرحٌ عصيّ... الرّاقيات على سُلّم الفوضى مجازًا يسترن الدمع في رقصة المذبوحِ من طيرها في ركنِ ذاكرة قصي... ليتها ما استسلمت لهمس هديلها يا ليتها ردّت عليّ... *** ذلك القيظ الذي صبّ


(1) حين لا يتكلم لا أفكرُ في العدم؛ ربما تكون رحلةً أو سفرًا: كي تنقذَ نفسك جِدها في المجاز... كأن تكون نهرًا لا يفكر ـ ماجنًا ـ كأن لا تصطخبْ مثل وجهِ عجوز... ضفةً أو حافة حين لا يكلمني أنتظرُ السكوت كأنّه لذةٌ متوسطة مركبٌ فاصلةْ... (2) A: مدنٌ بالية.. واقفةٌ.. عجائزُ لا تنتظر أحدًا.. هل تريد الدخول؟ B: ....... لو يأتي الموتْ.. كقبضة! A: مدنٌ أنهتْ مواثيقها مع الآخرين.. صفراءَ يعلوها الزغب. هياكلٌ


تحدّثتُ معه عبر الهاتف. توفّيت والدته قبل ثلاثةِ أسابيع. طغى الصمت على الكلمات. ولم نجد كلانا جدوى من الحديث أو العزاء.أعرف تماماً شعورَي الفراغ والضياع الخانقين، بالكاد تعرف كيف تنهي يومك، بالكاد تستطيع النجاة. لقد حفظتهما جيّداً مثل درس تاريخ. يكتسب الوقت طعماً لاذعاً، مثل الحديد الصدئ الذي غسله المطر وحوّلته الشمس. ومثل الحديد أيضاً، تشعر بثقل الوقت على وجودك. تتمنّى لو تتمكّن من تحريك عقارب الساعة بشكلٍ أسرعَ قليلاً، لتُ


لا دخلَ لي في سنوات العمر التي تساقطت من سلّة الحياة، لا ذنب لي في كل مَن تساقط من سلّة الأصدقاء سِلال يا لَها من سِلال كم حاولت ردم الثقوب الغائرة فيها لكن دون جدوى! آه! ما تساقط من العمر تسّاقطَ ـ يا للحسرة ـ أمام عيني، وما تساقط من الأصدقاء، كان يتساقط ـ يا للحزن ـ على غفلة مني الغدُ القريب أراهُ يترنَّحُ في الخلف والأمسُ البعيد ـ يا لَجرأته ـ أخالهُ يتمدد في الأمام حينما يمرّ الغد دونَ أنْ أعي مرورَه هذا


أَرَانِي وَكَفُّ الصَّبْرِ دَفْقُ نَشَائِدٍ عَلَى ضِفَّةِ الْأَبْعَادِ ، جِسْرًا يَلِيقُ بِلَمْسِ شُمُوسٍ ، سُمْرَتِي إِنْتِظَارُهَا جِمَارٌ وَإِنْ هَلَّتْ عَلَيَّ أَنِيقُ جَبِينٌ ، لَهُ عِنْدَ الْمَقَامِ سُجُودٌ لِمَكْتُوبِ مَا خَلْفَ الرَّجَاءِ بَرِيقُ تَنَشَّقَنِي مِنْ ضَمَّةِ الْفُلِّ حُظْوَةً سَأَخْلُدُ فِي "أُُورْكِيدِهَا" ، لَا أُفِيقُ تُؤَرِّخُنِي قُطْبِيَّةُ الْعِشْقِ ، بَيْعَةً فَبَيْنِي وَ ب


يا قاتلي... مهلًا.. ما بالصدر غيرُ قصيدة.. والقلب يسكنه وطن .. والنبض أشواق الحروف إلى رياحين المدن يا قاتلي.. مهلًا.. ما بالجسم غير متاهة الأحلام في مسارات المحن ويدي مرايا الغائبين.. خطوطها تحكي الرحيل وتقول أمنية الحيارى.. في بلد القتيل والسجين الممتحن وتقول أشواق النخيل إلى صحارينا الأصيلة وتقول أشواق الصهيل إلى ميادين الزمن يا قاتلي.. إنّي مسافة العشّاق في لفظ القصيد وأنا الكلمات يتلوها الحفاة والعراة.. والع


العشبُ الذي أزرعهُ في الليل على السرير تأكله القطةُ في الصباح؛ لم تعد الفراشات تدخلُ غرفة نومي. الشجرةُ التي ابتلعتُها ذات يوم كانت بلا ظلٍ؛ لم تعد الفراشات تدخلُ غرفة نومي. على الأرض يمدّد جسمَه الطويلَ، الرمل أحيانا يشبه حبيبي يتسربُ بخفةٍ من بين أصابعي؛ لم تعد الفراشات تدخل غرفة نومي. "خيالُ مآتةٍ" يحرسُ أحلامي، من يرسمْ لي سماءً في هذا الفراغ الأصفر سوف أهديه أذنيَ اليسرى، من يرسمْ غابةً سوف أطعمه